السؤال
دائما تأتيني أفكار أني سأعذب في القبر وفي جهنم إلى أن تصل بي إلى بعض اليأس -ولا حول ولا قوة إلا بالله-، وأقول أيضا: هل سأدخل الجنة بلا عذاب، وأنا لا أعدل شيئا مقابل الصحابة أو التابعين، وأشعر أن طاعتي بلا فائدة، وأعمل مقارنات كثيرة مع أهل الدين والصلاح، فما الحل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمؤمن من شأنه أن يكون خائفا راجيا، قال تعالى: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب {الزمر:9}، فشعورك بالخوف من العذاب أمر حسن، لكن لا بد أن تشفعه برجاء في سعة رحمة الله تعالى؛ لئلا يؤدي بك هذا الخوف إلى اليأس والقنوط -عياذا بالله-.
ويعينك على تحصيل هذا الرجاء استحضار رحمة الله تعالى، والعلم بأن رحمته سبحانه قد وسعت كل شيء، والتفكر في صفات جماله تعالى، فهو الغفور الرحيم العفو الرؤوف البر الودود الكريم الحليم، إلى غير ذلك من أسمائه الحسنى وصفاته العليا الدالة على عظيم جوده، وواسع بره، ولطفه بعباده، وتفكر كذلك في نعمه عليك، فإنها من آثار رحمته سبحانه، وكل ذلك يعينك على إحسان الظن به سبحانه، والطمع في واسع فضله، وعظيم رحمته، فعليك أن تجمع بين الخوف والرجاء، وتحرص على تحقيق الموازنة بينهما في طريق سيرك إلى الله تعالى، وأنت -والحال هذه- على خير عظيم -إن شاء الله-، وانظر الفتوى رقم: 261178، ورقم: 250888.
واستحضار سير الصالحين وأخبارهم أمر حسن، فإنه داع إلى التشبه بهم، والتخلق بأخلاقهم، وأما القصور عنهم، فلا بد منه، ولكن من سار على الدرب وصل، قيل للحسن: سبقنا القوم على خيل دهم، ونحن على حمر معقرة. فقال: إن كنت على طريقهم، فما أسرع اللحاق بهم.
نسأل الله أن يلحقنا بالصالحين، وأن يجعلنا من الخائفين الراجين.
والله أعلم.