السؤال
أنا أريد أن أعمل بقول الحنفية الذي يفيد أن زوال عين النجاسة يكفي في التطهير، ولا يجب زوال الأثر، لأنه يخفف من الوسوسة عندي بشكل كبير. فهل حسب هذا القول إذا أصاب بول يدي المدهونة بالزيت، أو أصاب يدي دم، يكفي أن أغسل يدي حتى تزول العين؟ وهل هذا ينطبق على اليد المدهونة بالكريم أو التي عليها إفرازات الجسم الدهنية؟
شكرا لكم
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه من وساوس, وننصحك بالإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك علاج نافع لها.
ثم إذا كانت يدك بها دهن؛ سواء كان من زيت, أو كريمات, أو دهن البشرة, ثم تنجست, فيكفيك غسل هذه اليد بصب الماء عليها, وبذلك يطهر الدهن, جاء في [حاشية الشرنبلالي] على درر الحكام وهو حنفي: وليس من الأثر ما بقي من دهن متنجس على يده بعد غسلها؛ لأن الدهن يطهر فيبقى على يده طاهرا. انتهى
وبخصوص الدم إذا أصاب اليد, فإنه لا بد من غسله حتى يزول أثره, وإنما يعفى عن الأثر إذا عسرت إزالته كبقاء لون الدم في الثوب مثلا, فإنه يعفى عنه, قال الكاساني في بدائع الصنائع الحنفي: وإن كانت النجاسة مرئية كالدم ونحوه، فطهارتها زوال عينها، ولا عبرة فيه بالعدد؛ لأن النجاسة في العين، فإن زالت العين زالت النجاسة، وإن بقيت بقيت، ولو زالت العين وبقي الأثر، فإن كان مما يزول أثره لا يحكم بطهارته، ما لم يزل الأثر؛ لأن الأثر لون عينه، لا لون الثوب، فبقاؤه يدل على بقاء عينه وإن كانت النجاسة مما لا يزول أثره، لا يضر بقاء أثره عندنا .... إلى أن قال: ولأن إصابة النجاسة التي لها أثر باق كالدم الأسود العبيط مما يكثر في الثياب خصوصا في حق النسوان، فلو أمرنا بقطع الثياب؛ لوقع الناس في الحرج، وأنه مدفوع وكذا يؤدي إلى إتلاف الأموال، والشرع نهانا عن ذلك، فكيف يأمرنا به؟ انتهى
وهذا هو القول الراجح عند الحنفية في هذه المسألة, وهو موافق لمذهب الجمهور, ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية والحنابلة - إلى أن إزالة لون النجاسة إن كان سهلا ومتيسرا وجب إزالته؛ لأن بقاءه دليل على بقاء عين النجاسة، فإن تعسر زوال اللون، وشق ذلك، أو خيف تلف ثوب، فإن المحل يطهر بالغسل، ولا يضر بقاء اللون؛ لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله؛ إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، قال: إذا طهرت فاغسليه، ثم صلي فيه. قالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك غسل الدم، ولا يضرك أثره. أما الحنفية فلهم قولان في التفريق بين ما إذا كان يعسر زوال النجاسة أو لا يعسر زوالها، والأرجح عندهم اشتراط زوال اللون ما لم يشق كما عند الجمهور. انتهى
والله أعلم.