ترهيب حافظ القرآن من الإصرار على المعاصي

0 147

السؤال

أولا: هل الاحتلام في نهار رمضان، يوجب الاغتسال؟
ثانيا: أنا أحفظ القرآن الكريم، ولكني لم أستطع أن أغض بصري عن المشاهد الإباحية. فما هو الحل؟ وهل علي إثم عظيم؟
وبارك الله فيكم، ولا تنسوني من دعائكم أن يغفر الله لي، ويصلح بالي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فخروج المني بالاحتلام، يوجب الاغتسال في نهار رمضان، كما يوجبه في غير رمضان، ولا يفسد الصوم بالاحتلام.

قال ابن قدامة في المغني: لو احتلم لم يفسد صومه، لأنه عن غير اختيار منه. اهـ.
والواجب عليك غض بصرك عما حرم الله تعالى، سواء كنت حافظا للقرآن أم لا، والمسؤولية عليك وأنت تحفظ القرآن أعظم؛ لأن نعمة الله عليك بحفظ القرآن أكبر، وحفظك للقرآن أدعى أن يحملك للعمل به، واجتناب المعاصي، لا أن تخلو بمحارم الله وتنتهكها. فاتق الله تعالى، ولا تكن ممن آتاه الله تعالى آياته فانسلخ منها، فقد ذم الله تعالى في كتابه من هذا حاله، فقال عز من قائل: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون. الأعراف: 176.

قال السعدي في تفسيره: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} أي: علمناه كتاب الله ... {فانسلخ منها فأتبعه الشيطان} أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات الله، فإن العلم بذلك، يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب الله وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس، فلما انسلخ منها { أتبعه الشيطان}، أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين، فأزه إلى المعاصي أزا. {فكان من الغاوين} بعد أن كان من الراشدين المرشدين، وهذا لأن الله تعالى خذله ووكله إلى نفسه، فلهذا قال تعالى: {ولو شئنا لرفعناه بها} بأن نوفقه للعمل بها، فيرتفع في الدنيا والآخرة، فيتحصن من أعدائه، {ولكنه} فعل ما يقتضي الخذلان، ف{أخلد إلى الأرض } أي: إلى الشهوات السفلية، والمقاصد الدنيوية. {واتبع هواه} وترك طاعة مولاه، {فمثله} في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه إليها {كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}، أي: لا يزال لاهثا في كل حال، وهذا لا يزال حريصا، حرصا قاطعا قلبه، لا يسد فاقته شيء من الدنيا {ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا} بعد أن ساقها الله إليهم، فلم ينقادوا لها، بل كذبوا بها وردوها، لهوانهم على الله، واتباعهم لأهوائهم، بغير هدى من الله {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} في ضرب الأمثال، وفي العبر والآيات، فإذا تفكروا علموا، وإذا علموا عملوا..... وهذا الذي آتاه الله آياته، يحتمل أن المراد به شخص معين، قد كان منه ما ذكره الله، فقص الله قصته تنبيها للعباد. ويحتمل أن المراد بذلك أنه اسم جنس، وأنه شامل لكل من آتاه الله آياته فانسلخ منها ... اهـ.
وانظر للأهمية، الفتوى رقم: 362848 عن ذنوب الخلوات، وأنها قد تفضي بصاحبها لسوء الخاتمة والعياذ بالله.

والله تعالى أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات