السؤال
قام البنك المركزي الحكومي في مصر بإصدار قروض تمنح للشباب؛ لإنشاء مشروعات صغيرة، وهذه القروض تمنح عن طريق البنوك، وبسؤالي للبنك تبين أن البنك لا يعطيني مالا، وإنما يعطيني البضاعة التي أحتاجها من خلال دفعه أموال البضاعة للشركة، وفي المقابل يأخذ البنك قسطا شهريا لمدة معينة، يتم تحديدها سلفا، وبسؤالي عن الفائدة تبين أن البنك يأخذ فائدة 5% متناقصة، أي أنها 3% ثابتة، فمثلا لو أخذت من البنك مبلغ 500 ألف جنيه بضاعة، فإني أدفعها 518 ألف جنيه تقريبا، مقسطة على 36 شهرا، أي أنني سوف أدفع مبلغ 14500 جنيه كل شهر، لمدة 36 شهرا، مع العلم أن قيمة القسط لا تزيد، بل هي ثابتة من أول شهر إلى آخر شهر، أي أن المبلغ المتفق عليه مع البنك لا يزيد.
والسؤال هنا: لو حصلت على هذا القرض بهذه الصورة، وبهذه الشروط، فهل علي إثم في هذا؟ مع العلم أني أحتاج إلى هذا القرض؛ لأن الطرق البديلة لهذا القرض بالنسبة لي سوف تكون الدين، أي جلب بضاعة عن طريق الدين وسدادها آجلا أيضا؟ أفتوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصورة الصحيحة للمرابحة: أن يشتري البنك البضاعة لنفسه أولا، وبعد دخولها في ملكه وضمانه، وحوزه لها، يجري عقد البيع عليها للآمر بالشراء، ولا يؤثر كون البنك يزيد في الثمن ويربح؛ لأن الزمن له حصة من الثمن، والبيع بالنقد العاجل، ليس كالبيع بالآجل.
فإن كان ما يتم بين الشاب والبنك على هذا النحو، فهذه معاملة صحيحة.
وأما لو كان البنك إنما يسدد ثمن البضاعة عن الشاب فحسب، ولا يشتري البضاعة لنفسه، بل الشاب هو من يشتريها لنفسه من الشركة، والبنك يدفع عنه ثمنها، ثم يستوفيه منه بزيادة؛ فهذا قرض ربوي محض، ولا فرق بين أن يسلمه الثمن مباشرة، وبين أن يسلمه للشركة نيابة عنه، فلا تجوز هذه المعاملة؛ لكونها ربا محرما، ولا خير في الربا، فقد توعد الله عليه بالحرب في قوله: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {البقرة:278-279}.
فيتحرى المرء في ذلك، ويتثبت من حقيقة المعاملة: فإن كانت محرمة، اجتنبها؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم"، وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم"، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
والله أعلم.