هل ترث الزوجة من البيت المكتوب باسم أولاده؟

0 58

السؤال

رجل تزوج، ورزق أربعة أولاد، أحدهم قدر الله أن يكون معاقا ذهنيا، وفي فترة زواجه، بنى بيتا له ولأولاده من بعده، ثم توفيت زوجته، فنوى الزواج، وعندما أعلن عن نيته، تحدث إليه أقاربه لكتابه البيت الذي يملكه لأولاده؛ للاستعانة بقيمته لأي احتياج مستقبلي، وخاصة مراعاة لحالة ابنه المعاق، فكتب عقد بيع لأولاده الأربعة، وحفظ العقد عند أخته؛ لصغر سن أبنائه؛ لإظهاره بعد وفاته، ثم تزوج وقضى سنوات طويلة مع زوجته الجديدة، ثم توفاه الله، فهل يحق شرعا للزوجة الثانية، أن ترث حصة في هذا البيت في وجود هذا العقد؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن العقد الذي تركه الزوج، إن كان عبارة عن ورقة مكتوبة، وليست موثقة لدى الجهات المختصة، ولا مشهودا عليها؛ فإنها لا تعتبر بينة شرعية تثبت أن العقد قد حصل، وللزوجة أن تطالب ببينة على صحتها إن لم تصدق بها، ثم إن قامت البينة على صحتها، فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة أن عقد البيع الصوري لا عبرة به، وأنه في الحقيقة هبة لا بيع.

فإن كان الرجل كتب البيت باسم أولاده على أنه ملك لهم في حياته، فهذه هبة وليست وصية، ولكن ينظر فيها هل استجمعت شروط الهبة الماضية أم لا؟

فإن استجمعت شروط الهبة الماضية، فإن البيت يعتبر ملكا للأولاد، ولا نصيب للزوجة فيه؛ لأنه ليس ملكا لزوجها وقت وفاته، وإن لم تستجمع الهبة شروط الهبة الماضية، فإن البيت يكون تركة تقسم بين الورثة جميعا، ومنهم الزوجة، وقد ذكرنا شروط نفاذها في الفتوى رقم: 112948.

ومن شروط الهبة النافذة أن يحوز الأولاد البيت في حياته، وما داموا صغارا، فإنه هو الذي يحوز عنهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 106100.

فإذا كان أشهد غيره على هذه العملية التي هي في حكم الهبة لصغاره، ولم يكن يسكن في البيت المذكور، فقد تمت الهبة، واختص هؤلاء الصغار بالبيت.

أما إذا كان الرجل قد كتب البيت باسم أولاده، على أن يكون ملكا لهم بعد وفاته، وليس في حياته؛ فهذه وصية وليست هبة.

والوصية للوارث ممنوعة، ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة، ومنهم الزوجة الثانية.

فإن لم ترض الزوجة الثانية بتلك الوصية، فإن البيت لا يكون ملكا للأولاد بتلك الكتابة.

وللزوجة أن تأخذ نصيبها كاملا من ذلك البيت؛ لأنه ميراث، ونصيبها منه الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين {النساء:12}.

وإن حصل نزاع بين الزوجة وبين بقية الورثة، فلا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية -إن كانت- أو مشافهة أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 355237 عن العقد الصوري الذي لا يقصد حقيقته، والفتوى رقم: 295504 فيمن كتب عقد بيع شقته لابنته، والفتوى رقم: 290998.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة