السؤال
زوجي مسافر خارج البلاد، وقد وقع خلاف بيننا؛ فأرسل لي رسالة نصها: "إذا خرجت إلى أي مكان دون إذني؛ اعتبري نفسك طالقا"، وبعد ذلك امتنع عن الكلام معي بأي وسيلة اتصال لمدة أسبوعين، وأرسلت لوالده أن يخبره أنني أريد الذهاب إلى بيت أهله؛ فقال لي والده -بعد أن تحدث معه-: إنه موافق على ذهابي إلى بيتهم، أما الخروج لأي مكان آخر، فلا.
وبناء على هذا؛ اعتبرت أن هذا استثناء؛ لأن زوجي لم يكلمني مباشرة، ولم يفهمني قصده، وبعد ثلاثة أيام خرجت وذهبت إلى بيت أهله، على إثر الإذن السابق، وفي نفس اليوم الذي خرجت فيه، كان والده قد استأذن منه لي للخروج للطبيب، ولكنني بالفعل خرجت، ولكن ليس إلى الطبيب، بل إلى بيت أهله، على إثر الإذن السابق، مع العلم أني فهمت أن بيت أهله غير داخل في اليمين، أي جهلا مني بالتفاصيل، ومع العلم أيضا أن يمينه كان تهديدا لي، فهل وقع الطلاق؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت، فلم يقع الطلاق عليك بذهابك إلى بيت أهله؛ لأنه إذا كان أذن لك في الذهاب إلى بيت أهله مطلقا، فلم يحصل الحنث بذهابك إلى بيت أهله بعد ثلاثة أيام من الإذن.
وإن كان قصد الإذن في نفس اليوم فقط، ولكنك ذهبت لظنك أنه أذن لك مطلقا، فالراجح عندنا أيضا عدم حصول الحنث في مثل هذه الحال، قال ابن القيم -رحمه الله-: فإنه إنما فعل المحلوف عليه متأولا، مقلدا، ظانا أنه لا يحنث به، فهو أولى بعدم الحنث من الجاهل، والناسي. اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: اختلفت الروايات في المذهب عن الإمام أحمد، فيمن فعل ناسيا ما حلف بالطلاق ألا يفعله، وأقوى الروايات دليلا: عدم حنثه بما فعله ناسيا، وأن يمينه باقية، وهذا قول عطاء، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، وإسحاق، وابن المنذر. وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقدمه في (الخلاصة)، قال في (الفروع): وهذا أظهر. قال في الإنصاف: وهو الصواب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لقوله تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. ولأنه غير قاصد للمخالفة، فلم يحنث؛ كالنائم، والمجنون.
وعليه؛ فلا يترتب على السائل -والحال ما ذكره من النسيان منه، ومن زوجته- حنث، ولا تزال يمينه باقية. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 168073.
والله أعلم.