السؤال
قمت ببيع نصيبي من أرض زراعية، حوالي قيراطين ونصف، ب 45000 جنيه. واشتريت من أخي نصيبه من منزل الوالد، والذي كان يتراوح سعر المتر منه بين 700 جنيه، إلى 1500 جنيه.
اشتريت نصيبه بمبلغ 700 جنيه للمتر، بإجمالي 30,000 جنيه. واشترط علي أخي أنني إذا قمت ببيع المنزل خلال 5 أعوام، أن أعطيه فرق الثمن؛ فوافقت.
وبعد مرور ما يقرب من عامين، وجدت أخي مضطربا، بسبب بيعه نصيبه من المنزل بالحد الأدنى؛ فبادرت بإعطائه مبلغ 15000 جنيه، ورفعت سعر المتر إلى 1050 جنيها، بإجمالي 45000 جنيه، وهو ما يعادل ثمن قيراطين ونصف من الأرض الزراعية، التي قمت ببيعها في وقتها.
وبعد مرور ما يقرب من أربعة أعوام ونصف، وأخي يضغط علي أن أبيع المنزل حتى أدفع له على حد قوله فرق السعر، وأنا محتاج أن أبيع المنزل الآن، ولكن السعر قد تغير فأصبح سعر المتر 5000 جنيه تقريبا، وأيضا من باب العلم بالشيء، ارتفع سعر ثمن قيراطين ونصف من الأرض الزراعية، إلى 210,000 جنيه.
والسؤال هنا: هل أخي له حق في ثمن الأرض إذا قمت ببيعها الآن، وقد بقي من 5 أعوام حوالي 8 أشهر، وأخي يتهمني بأنني أنتظر مرور أعوام؛ لكي أهرب من إعطائه حقه، وأنا محتاج إلى المال.
فماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الإشكال إنما كان لاجتماع بيع وشرط في عقد واحد، وهذا من مواطن النزاع المشهورة بين أهل العلم، وله تفاصيل وتفريعات عديدة، وقد كثر فيها الخلاف واشتد قديما وحديثا، وقد سبق أن نبهنا على ذلك وذكرنا سببه، في الفتوى رقم: 148437.
ويتأكد هذا في الشروط التي يكون لها حصة من الثمن؛ فيؤول الثمن للجهالة بسببه، ولا سيما إذا كانت تخالف مقتضى العقد.
قال الخطابي في معالم السنن: كل شرط كان من مصلحة العقد، أو من مقتضاه؛ فهو جائز ...
وأما ما يفسد البيع من الشروط، فهو كل شرط يدخل الثمن في حد الجهالة، أو يوقع في العقد، أو في تسليم المبيع، غررا، أو يمنع المشتري من اقتضاء حق الملك من المبيع. اهـ.
والشرط المذكور في السؤال من هذا النوع! وهو محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يبطل الشرط والعقد جميعا، وهم جمهور الفقهاء، ومنهم من يبطل الشرط ويصحح العقد، وهم الحنابلة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49776.
ومع ذلك فعند الحنابلة تفصيل: إذا ترتب على فوات الشرط، فوات غرض لمن اشترطه، فالمذهب أنه مخير بين الفسخ، وأخذ أرش ما نقص من الثمن بإلغاء شرطه، وفي رواية أخرى: أنه لا أرش له أبدا، ولكن له الخيار بين الفسخ والإمضاء.
قال المرداوي في الإنصاف: على المذهب: للذي فات غرضه: الفسخ، أو أرش ما نقص من الثمن بإلغائه مطلقا. على الصحيح. جزم به في المحرر وغيره. وقدمه في الفروع وغيره. وقيل: يختص ذلك بالجاهل بفساد الشرط دون العالم. جزم به في الفائق. قيل: لا أرش له، بل يثبت له الخيار بين الفسخ والإمضاء لا غير. وهو احتمال في المغني، والشرح. قال الشيخ تقي الدين -رحمه الله-: هذا ظاهر المذهب. اهـ.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: (ولمن فات غرضه) بفساد الشرط من بائع ومشتر (الفسخ) علم الحكم أو جهله؛ لأنه لم يسلم له الشرط الذي دخل عليه؛ لقضاء الشرع بفساده. (أو) أخذ بائع (أرش نقص ثمن) بسبب إلغاء الشرط، كأن يكون المبيع يساوي عشرة، فيبيعه بثمانية لأجل شرطه الفاسد، فإن شاء بائع فسخ، أو رجع بالاثنين .... اهـ.
والظاهر من السؤال أن أخا السائل لم يرض بالسعر المذكور، إلا باعتبار أنه سيأخذ فرق الثمن إذا حصل البيع في مدة الخمس سنوات!! وإذا كان الأمر كذلك، وحكمنا بصحة البيع وبطلان الشرط، فيكون للبائع الحق في أرش نقص الثمن.
وإذا حكمنا ببطلان البيع من أصله، فالثمن المدفوع سابقا يرجع للسائل، ويرجع المبيع للبائع. وهذا فيه مضرة واضحة على السائل، الذي سبق أن باع أرضه بالسعر القديم؛ لأجل شراء نصيب أخيه من البيت، ولذلك فالأفضل أن يتصالح الطرفان على شيء ينتفعان به جميعا، وإلا فليس أمامهما إلا فصل الحكم عند قاض شرعي، يرفع حكمه الخلاف، أو مجلس تحكيم يرتضونه جميعا.
والله أعلم.