السؤال
إذا كفر الشخص بالله، ثم قال بعد ساعة سوف أتوب. وبعدها تاب وتشهد، ودخل الإسلام، لكنه لم يتب من تسويف التوبة.
فهل عدم توبته من تسويف التوبة، يجعله كافرا؟
إذا كفر الشخص بالله، ثم قال بعد ساعة سوف أتوب. وبعدها تاب وتشهد، ودخل الإسلام، لكنه لم يتب من تسويف التوبة.
فهل عدم توبته من تسويف التوبة، يجعله كافرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم التوبة من تسويف التوبة ليس كفرا، ولكنه ذنب يوجب التوبة، ويغني عن هذا التوبة العامة التي تأتي على جميع الذنوب.
قال ابن القيم رحمه الله: ونذكر نبذا تتعلق بأحكام التوبة، تشتد الحاجة إليها، ولا يليق بالعبد جهلها.
منها: أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقل أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم، فإنه عاص بترك العلم والعمل، فالمعصية في حقه أشد، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب، ولا يعلمه العبد. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت وفي الحديث الآخر: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، خطأه وعمده، سره وعلانيته، أوله وآخره. فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه، وما لم يعلمه. انتهى.
والله أعلم.