السؤال
هل هذه الرواية عن ابن عمر صحيحة: وروى ابن إسحاق، عن نافع: عن ابن عمر مثله، ولفظه: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أسود من معاوية، فقلت: كان أسود من أبي بكر؟ فقال: كان أبو بكر خيرا منه، وهو كان أسود، قلت: كان أسود من عمر......؟. فهل يتولى الخلافة الأخير أم الأصلح في العموم؟ وما هي شروط الخلافة؟ وهل تنطبق على الشيخين أكثر من معاوية -رضي الله عنهم- أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فالأثر المذكور ذكره الإمام ابن كثير في البداية والنهاية، كما ذكره غيره وقال: وروي من طريق عن ابن عمر مثله. اهـ.
ولم نقف على طرقه ولا على حكم عالم من علماء الحديث عليه بالصحة أو الضعف، ولا يبعد أن يكون صحيحا، فمعاوية رضي الله عنه كان سيدا في حكمه، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى المقصود بالأسود في قول ابن عمر، وأن المراد منه الكرم والحلم؛ وليس معناه الأصلح للحكم، إذ لا شك أن الخلفاء الأربعة أصلح منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: قال عبد الله بن عمر: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية، فقيل له: ولا أبو بكر ولا عمر؟ قال: كان أبو بكر وعمر خيرا منه، وما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية، قال أحمد بن حنبل: يعني به الحليم أو قال: الكريم، ولهذا قيل:
إذا شئت يوما أن تسود قبيلة ... فبالحلم سد لا بالتسرع والشتم. اهـ.
وقال في منهاج السنة: قال أحمد بن حنبل: السيد الحليم يعني معاوية، وكان معاوية كريما حليما. اهـ.
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله- في كتابه سير أعلام النبلاء مبينا وجه السيادة في حق معاوية -رضي الله عنه- قال: حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم -وهو ثغر- فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك، وإن كان غيره من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خيرا منه بكثير، وأفضل، وأصلح، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه ورأيه.
والله تعالى أعلم.