السؤال
توفي أبي -رحمه الله- في حياة جدي، وتنازل جدي عن نصيبه من أبي وهو: (السدس) لنا، ثم بعد سنتين من وفاة أبي توفي جدي -رحمهما الله-، وأعطانا أعمامنا نصيب أبينا كما لو كان حيا، وكتبوا لنا عقدا بذلك، وكل واحد منهم استلم ما قسم له عن طيب خاطر، ثم بعد فترة من الزمن خرج أحد الأعمام يقول: إن ما أخذناه من تركة جدنا ليس من حقنا؛ لأن جدنا قد أعطانا عطية حال حياته، ويقصدون تنازله عن نصيبه من أبي؛ وذلك لورود شرط في قانون الوصية الواجبة: أن الجد لو أعطى عطية لأولاد ابنه المتوفى، يحرم الأحفاد من الوصية الواجبة.
والسؤال هنا: هل يكون تنازل الجد لأحفاده عن السدس مانعا للوصية الواجبة؟ وهل يحق لهم الرجوع في القسمة بعد أن تم التراضي من قبل وانتهى الأمر، واستلم كل واحد ما يخصه من تركة أبيه الذي هو جدنا؟!
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فما دام أن والدكم توفي في حياة جدكم، فإنه ليس لكم نصيب في تركة جدكم؛ لأنكم محجوبون بابنه، فالابن يحجب ابن الابن عن الميراث اتفاقا، جاء في الموسوعة الفقهية: أجمع الفقهاء على أن ابن الابن من العصبات، وأنه يحجبه الابن الأعلى، ويحجب هو من دونه .. اهــ.
وقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى أن ما يعرف بقانون الوصية الواجبة، قانون باطل، لا يصح شرعا، ولا يصح نسبته لأي من المذاهب الأربعة، ولا لأحد من العلماء المتقدمين، وانظر الفتاوى التالية: 132800، 169383، 22734.
فإن كان أعمامكم أعطوكم شيئا بناء على ذلك القانون -وليس تبرعا منهم-، فإنه لا يحق لكم أن تأخذوا شيئا من تركة جدكم بناء على ذلك القانون؛ لما ذكرنا من أنه باطل لا يصحح شيئا، فليس لكم أن تأخذوا من التركة، سواء أعطاكم جدكم شيئا في حياته أم لم يعطكم.
وتنازل جدكم لكم عن نصيبه من تركة أبيكم، يعتبر هبة، ويجري فيه شروط الهبة:
فإن وهبه لكم وهو في غير مرض الموت، وحزتم نصيبه في حياته، فقد تمت الهبة.
وإن لم تحوزوا نصيبه حتى مات، فالهبة لم تتم، ويرد نصيبه إلى ورثته.
وإن وهبه لكم وهو في مرض الموت، فهذه الهبة في حكم الوصية لكم، قال ابن قدامة في المغني: عطيته في مرض موته لبعض ورثته، لا تنفذ؛ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية، في أنها تعتبر من الثلث، إذا كانت لأجنبي إجماعا، فكذلك لا تنفذ في حق الوارث. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب، حكم الوصايا ... اهـ.
وعند الاختلاف لا بد من الرجوع إلى المحكمة الشرعية -إن كانت-، أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم.
والله تعالى أعلم.