السؤال
أنا متزوجة منذ ست سنوات، وليس عندي أطفال، وزوجي طيب، ويعاملني بود، لكني لا أبادله الشعور، وقد حاولت خلال هذه المدة، لكني لم أستطع، فطلبت الطلاق منه، ولكنه يرفض هو وأهلي، وأخاف أن أظلمه أكثر.
وقبل زواجي كنت أحب شخصا، وهو كذلك، وخطبني رجال كثر ورفضت، ولا أعرف لماذا قبلت بزوجي؟ وفي فترة الخطبة حاولت افتعال المشاكل مع زوجي، ولكن تم كل شيء.
أحيانا أقول: إن هذا اختياري، فقد كان بقبول مني، ولم يجبرني عليه أحد، وأحيانا: أقول مكتوب، وخوفي الشديد من زواج حبيبي يفقدني صوابي -والله يغفر لي-، فقد حاولت مرارا نسيانه، ولكني لم أستطع، ولا أتواصل معه أبدا، وليس باليد حيلة؛ فقد ابتليت بحبه، رغم معاملة زوجي الجيدة، وحبه الظاهر لي، لكني لا أحبه، بل وأحيانا لا أطيقه؛ فأحول حياته إلى جحيم، ويشهد الله علي أني أعيش هذا الجحيم ضعفين؛ بسبب عذاب الضمير، ولا أريد أن أظلمه أكثر.
دعوت الله مرارا أن يرضيني بما قسمه لي، وأن يحببني في زوجي، ولكني دائما أرجع إلى نقطة الصفر.
رقيت نفسي، ولجأت إلى جميع الطرق، ولكن ليس بيدي حيلة، وهو طيب المعاملة معي فقط لا غير.
في نظري: إن الطلاق هو الحل الأمثل لكلينا، وأنا لا أطمع إن طلقت أن أتزوج حبيبي، فقد وضعت جميع الاحتمالات، ولكن همي الوحيد أن أرتاح، فأنا لا أحب أن أعيش مع رجل، وأفكر بغيره، رغم أن ذلك فوق إرادتي، وفي نفس الوقت، لا أريد ظلم زوجي أكثر، رغم رفضه فكرة الطلاق.
أحيانا أقول: سأخبره بالسبب، ولكني أخاف أن أجرح مشاعره، فهو لا ذنب له، وأنا -والله- أعيش في جحيم كبير بيني وبين نفسي، وفكرت في إنهاء حياتي، لكن خوفي من ربي هو ما يمنعني. أفيدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نوصيك أولا: أن تهوني الأمر على نفسك، فليس هنالك ما يدعو إلى القلق، والضجر، وتعذيب النفس، فضلا عن التفكير في الانتحار، والذي ينقل صاحبه إلى شقاء أكبر، ويخسر دنياه، وآخرته. وراجعي في خطورته الفتوى: 10397. والحمد لله الذي رزقك إيمانا، يحول بينك وبين هذا الجرم.
والمرأة إذا كرهت زوجها، وخشيت أن تفرط في حقه، فقد جعل الله لها فرجا، ومخرجا؛ بمخالعة زوجها، كما فعلت امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنها، وعنه-، وراجعي الفتوى: 8649.
ولو قدر أن فارقت المرأة زوجها لهذا السبب، لم تكن ظالمة له.
وهذا لا يعني أننا نحثك على فراق زوجك هذا، بل الأولى التريث، وتحكيم العقل، لا العاطفة، فإنك قد ذكرت أنك إن فارقته قد لا يتزوجك ذلك الرجل الذي تحبينه.
ولو تزوجك، فما الذي يضمن أنك ستكونين سعيدة معه؟، فمثل هذه العواطف الجياشة، قد تتبدد بعد الزواج، وتظهر حقيقة الطرفين، وتبدو من الأخلاق السيئة ما لم يكن محتسبا، وتكون الخصومة، والشقاق، ورأينا مثل هذا في الواقع كثيرا.
ولو لم يتزوجك هذا الرجل، فقد لا يتزوجك غيره، فتبقين حياتك من غير زوج، وتكون العاقبة الندم، ولات حين مندم؛ ولذلك نؤكد أمر التريث، واستحضري قول عمر -رضي الله عنه-: ليس على الحب وحده تبنى البيوت.
ويكفي أنك تحبين زوجك الحب العادي، وأنك لا تكرهينه، هذا بالإضافة إلى أن الحب العاطفي، يمكن تحصيله بعد أن لم يكن موجودا.
فعليك بالاستعانة بالله عز وجل، والاستمرار في الدعاء، والاجتهاد في تناسي هذا الشخص، وقد بينا في الفتوى: 9360 كيفية علاج العشق.
وفي نهاية المطاف: إن استحالت العشرة، ولم يكن بد من الفراق؛ فاطلبي الخلع، ويستحب لزوجك إجابتك إليه.
فإن لم يفعل، فارفعي الأمر للقضاء الشرعي.
ولعلكما إذا افترقتما أن يغني الله كلا منكما من فضله، فقد قال سبحانه: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما {النساء:130}، قال القرطبي: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
والله أعلم.