السؤال
يوجد محل تجاري للإيجار، فهل المالك مسؤول عن قيام المستأجر بتشغيل المحل: كافيه للمشروبات، ولكن يوجد فيه شيشة، ودخان؟
يوجد محل تجاري للإيجار، فهل المالك مسؤول عن قيام المستأجر بتشغيل المحل: كافيه للمشروبات، ولكن يوجد فيه شيشة، ودخان؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان المالك يعلم أن المستأجر سيبيع محرما -كالدخان، والشيشة-، فلا يجوز له تأجير المحل عليه -إلا أن يشترط المالك عليه ألا يبيع المحرمات-؛ لما في ذلك من الإعانة على المحرم، ومن الأمور المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله، محرمة؛ لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: إنني أملك بناية قرب المدينة المنورة، مشتركة بيني وبين أخي، ولم نجد من يستأجرها منا سوى رجل يضعها مقهى، والمقهى يستلزم وضع شيش الجراك، والتلفزيون، فهل يجوز لنا شرعا أن نؤجر محلنا على من يضع فيه هذه الأشياء المذكورة؟
فأجابت: لا يجوز أن يؤجر المحل على من يستعمله في محرم؛ لأن هذا من التعاون على الإثم، والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، وهذه المسألة المسؤول عنها داخلة في ذلك، وعليكم بالصبر؛ حتى تجدوا من يستأجره لغير هذا الغرض، وأبشروا بالخير؛ لقول الله سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}. اهـ.
وسئلت أيضا: ما حكم تأجير الدكاكين على أصحاب البقالات، الذين من جملة مبيعاتهم الدخان؟
فأجابت: يشترط لصحة الإجارة أن تكون على منفعة مباحة، وبيع الدخان عمل محرم، فيجب على صاحب المحل حينما يؤجر أن يشترط على المستأجر، إذا كان لا يثق منه أن لا يستعمله في محرم، فإذا خالف الشرط، فله أن يفسخ الإجارة. اهـ.
وأما إن كان المالك لا يعلم بأن المستأجر سيبيع المحرمات: فلا إشكال في أنه لا تحرم إجارة المحل عليه، ولا إثم على المالك إن باع المستأجر المحرمات في المحل بعد عقد الإجارة له، لكن إذا تمت مدة العقد، فلا يجوز أن يعقد له عقد آخر، إلا بشرط الامتناع عن بيع المحرمات، وقد سئل ابن عثيمين: لدي دكان مؤجر من قبل إخواني لبيع (السندويتشات)، وبعد ذلك علمت أنه يبيع الدخان، مع العلم بأننا نأكل ونشرب من مصروف هذا الدكان؟
فأجاب: إذا كان هذا الدكان استؤجر لعمل الطعام (السندويتش)، أو غيره، فالإجارة صحيحة.
وإن استؤجر لبيع الدخان، فالإجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في هذا الدكان؛ لكن الغالب أن المؤجر لا يدري ماذا يفعله المستأجر في دكانه، فالإجارة إذن صحيحة.
لكن إذا تمت المدة -أعني: مدة الإجارة- وجب على المؤجر أن يقول للمستأجر: إما أن تمتنع عن بيع الدخان، وإلا فاخرج، ولا يجوز أن يعقد له الإجارة بعد ذلك، وهو يعلم أنه سيبيع الدخان في هذا الدكان لماذا؟ لأن شرب الدخان محرم، والمعين على المحرم، آثم، مشارك له في الإثم، ودليل ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا، وموكله) من آكل الربا؟ المرابي آخذ الربا، سواء أكله، أو لبسه، وموكله الذي أخذ منه الربا، انظر الذي أخذ منه الربا ملعون مع أنه مظلوم، شاهديه: ما عملهم؟ تثبيت العقد؛ لأنه بالشهادة يثبت، الخامس: كاتبه، أيضا يثبت الربا، كلهم ملعونون على لسان النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم متعاونون. فلما كان الدخان حراما، كان بيعه حراما، وكان تأجير المحلات لبيعه حراما، والأجرة محرمة. اهـ. من اللقاء الشهري. وراجع للفائدة، الفتاوى: 115360، 378250.
والله أعلم.