ركن التوبة الأعظم هو الندم

0 111

السؤال

أنا بنت وحيدة، وأهلي موجودون، ولكنهم مشغولون عني، وتزوجت دون رغبتي، وتعرضت فيه لأذى شديد، وحاولت الاقتراب من أهلي، ولكني الآن وحيدة منطوية، وعلاقتي بالله تكون قوية أحيانا، وضعيفة أحيانا أخرى، مع محبتي لله؛ لأنه ليس لي غيره، وضعفت وارتكبت الخطأ الكبير مع شاب متزوج، مع أني أحاول الحرص على حضور دروس القرآن، والمفترض أني ملتزمة، ولكن ضعفت، ولا أدري ماذا أفعل، وقطعت علاقتي به، ولكني أشعر أني غير قادرة على تقوية صلتي بالله، ولا أشعر بلذة الطاعة، وحلاوتها، وأشعر بالوحدة، والضياع، ولا أحب لنفسي الضياع، وأتمنى أن يرزقني الله زوجا صالحا، وأكون بيتا وأسرة طيبة، ولكني أشعر أن صبري ينفد، وأن الله سيعاقبني طوال حياتي، وسيظل غاضبا علي، وأحاول التوبة، ولا أقدر، وأشعر بالتبلد في أحاسيسي، وذهاب لذة الطاعة، وأعلم أن هذا من شؤم المعصية، وأريد القرب من الله؛ لأني من دون الله سأضيع، ولكني لا أستطيع، فما العمل؟ انصحوني بالله عليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون الزنى من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، التي تجلب غضب الله، لكن مهما عظم الذنب؛ فإنه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أن العبد مهما أذنب، ثم تاب إلى الله توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، ويعفو عنه، قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}، وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.

والتوبة تمحو ما قبلها، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، ويعود القلب بعد التوبة أقرب إلى الله، وأكثر حبا له، وشوقا إليه، وإقبالا على طاعته، واستشعارا لحلاوة الطاعة.

وركن التوبة الأعظم هو الندم، والباعث عليه أن ينظر العبد إلى عظم جنايته؛ تعظيما لحق الله تعالى، وتصديقا بالجزاء في الآخرة، قال ابن القيم -رحمه الله-:... فأما تعظيم الجناية، فإنه إذا استهان بها، لم يندم عليها، وعلى قدر تعظيمها، يكون ندمه على ارتكابها، فإن من استهان بإضاعة فلس - مثلا -، لم يندم على إضاعته، فإذا علم أنه دينار، اشتد ندمه، وعظمت إضاعته عنده. وتعظيم الجناية يصدر عن ثلاثة أشياء: تعظيم الأمر، وتعظيم الآمر، والتصديق بالجزاء. انتهى. 

ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، فاجتهدي في تحقيق التوبة، والإكثار من الأعمال الصالحة، وأبشري خيرا، ولا تستسلمي لوساوس الشيطان، وثقي بعفو الله، وأقبلي على طاعته، واشغلي وقتك بما ينفعك، وراجعي الفتوى: 5450.

وللفائدة في كيفية تجاوز هذا الأمر، وعلاج آثاره النفسية، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات