السؤال
لدي أنا وزوجي ما يكفي لأداء الحج والعمرة بسعر اقتصادي، وعندما قدمنا في قرعة الحج الاقتصادي لم نوفق؛ فقررنا الانتظار للعام القادم -بإذن الله-، وعندها من المفترض أن يصبح معنا من الأموال ما يكفي لأداء الحج السياحي؛ حتى لا نتعرض للرفض في القرعة مرة أخرى، وزوجي الآن يريد أن يخرج مبلغا من هذه الأموال لوالديه لأداء العمرة، في حين أننا لم يسبق لنا العمرة من قبل، لا أنا، ولا زوجي، ووالدته أيضا لم يسبق لها العمرة، ولكن والده سبقت له العمرة، وزوجي يريد إرضاء والديه، وأنا أيضا؛ لذا أخبرته أن نذهب جميعا نحن الأربعة؛ لأننا لم نسقط الفرض عن أنفسنا بعد، فكيف نعطي المال للغير لأداء الفريضة؟ فأيهما أولى: أن يعطي المال لوالديه لأداء العمرة، ونحن (أنا وزوجي) لم يسبق لنا الحج أو العمرة من قبل، أم نحتفظ بالمال لإسقاط فريضة الحج عن أنفسنا أولا في العام القادم -بإذن الله-، أم نعتمر نحن الأربعة من المال؛ لكي نسقط الفريضة عن أنفسنا؟ مع العلم أنه إذا أعطى المال لوالديه فقط، فربما -بإذن الله- نستطيع أن نحج العام القادم، أما إذا سافرنا نحن الأربعة، فلن يكفي المال لأداء فريضة الحج السياحي في العام القادم، فإذا استخدمنا المال، فهل نعد من غير القادرين في العام القادم، وليس علينا حرج، أم إننا نأثم؛ لأن المال كان معنا واعتمرنا به نحن، وأبواه؟ أريد أن أرضي زوجي، وأهله، ولكني أخاف أن يكون الأولى في هذه الحالة أن نسقط الفريضة عن أنفسنا قبل أن نتبرع لغيرنا بالعمرة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمتما قادرين على أداء العمرة، فيلزمكم ذلك فورا؛ لأن العمرة واجبة على الفور في العمر مرة.
ولا حرج على زوجك في دفع بعض المال لوالديه حتى يعتمرا، ولا يأثم بذلك، ولا يكون بذلك مفرطا في الاستطاعة؛ فإن تحصيل شرط الاستطاعة ليس واجبا؛ لأن ما لا يتم الوجوب إلا به، فليس بواجب، فقط إذا وجدت الاستطاعة عندكما وقت خروج الناس للحج، لزمكما السعي له فورا، وإلا؛ فلا إثم عليكما، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا ملك نقودا لشراء دار يحتاج إليها، وجب عليه الحج إن حصلت له النقود وقت خروج الناس للحج، وإن جعلها في غيره، أثم، أما قبل خروج الناس للحج، فيشتري بالمال ما شاء؛ لأنه ملكه قبل الوجوب، على ما اختاره ابن عابدين. انتهى.
وقال الكاساني في البدائع: ثم ما ذكرنا من الشرائط لوجوب الحج من الزاد، والراحلة، وغير ذلك، يعتبر وجودها وقت خروج أهل بلده؛ حتى لو ملك الزاد، والراحلة في أول السنة قبل أشهر الحج، وقبل أن يخرج أهل بلده إلى مكة، فهو في سعة من صرف ذلك إلى حيث أحب؛ لأنه لا يلزمه التأهب للحج قبل خروج أهل بلده؛ لأنه لم يجب عليه الحج قبله، ومن لا حج عليه لا يلزمه التأهب للحج، فكان بسبيل من التصرف في ماله كيف شاء، وإذا صرف ماله ثم خرج أهل بلده، لا يجب عليه الحج. فأما إذا جاء وقت الخروج، والمال في يده فليس له أن يصرفه إلى غيره، على قول من يقول بالوجوب على الفور؛ لأنه إذا جاء وقت خروج أهل بلده، فقد وجب عليه الحج؛ لوجود الاستطاعة، فيلزمه التأهب للحج، فلا يجوز له صرفه إلى غيره. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فالواجب عليكما أن تبادرا بأداء العمرة، ما دمتما قادرين على ذلك، وراجعي الفتوى: 171191، وما أحيل عليه فيها.
ولا حرج على زوجك في إعطاء والديه ما شاء من المال قبل وقت وجوب السعي للحج، فإذا جاء موسم الحج القادم وعندكما ما تحجان به، فبادرا بذلك، وإلا؛ فلا إثم عليكما.
ولعله إن أعطى والديه ليعتمرا، أن يوسع الله عليه، ويرزقه من فضله؛ ببركة بره بوالديه.
والله أعلم.