السؤال
أنا من المغرب، ولقد تزوجت من فتاة منذ عامين، وحدثت بعض المشاكل بين أخيها وأمها وأختها الكبرى، وأنا رغم ذلك بعيد عن هذه المشاكل، إلا أنه مؤخرا خرج أخوها من البيت، وذهب للسكن مع أهل زوجته، فبدأ يصلني منه أذى، وأنني أنا المستفيد من هذه التفرقة، ثم إن والدة زوجتي تريد شراء منزل لزوجتي دون علم إخوتها، وأنا رفضت ذلك؛ لأنني سيصلني منهم أذى كبير بسبب هذا الفعل، وحينما رفضت، قالت زوجتي: إنها لن تسكن مع أهلي، علما أنني لم آت بزوجتي إلى بيتي الذي هو مع أهلي بعد، ويراودني شعور أن أطلق زوجتي؛ لكي لا تكون هناك مضاعفات في المستقبل، وفي ظل هذه المشاكل، أصبح عندي نفور من زوجتي وأهلها، وأصبحت أتعامل معهم؛ اتباعا للعرف فقط، وأنا الآن في حيرة من أمري، وأصبحت أفكر كثيرا بتطليق زوجتي، علما أنني لا زلت لم أدخل بها دخولا صريحا. أفيدونا -جزاكم الله خيرا-، فقد أصبحت أنفر من زوجتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نوصي بسؤال الله عز وجل أن يصلح الحال، ويؤلف بين القلوب، فإنه سبحانه على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه، يقلبها كيف يشاء. هذا أولا.
ثانيا: ونوصي أيضا بأن يتدخل العقلاء؛ ليبذلوا النصح لهذه الأسرة الكريمة، ويذكروا بما بينهم من الرحم، التي أمر الله بها أن توصل، وأن لا يتركوا مجالا للشيطان لينزغ بينهم، ويشتت شمل أسرتهم.
والإصلاح بين الناس، من أفضل القربات، وأجل الطاعات، حثت عليه نصوص الكتاب، والسنة، ويمكن مطالعة الفتوى: 117937. والعفو والصفح من أعلى المقامات، كما هو مبين في الفتوى: 54408.
ثالثا: قيام أم زوجتك بشراء شقة لزوجتك، دون رضا أخواتها، نوع من التفضيل؛ ولا يجوز لها التفضيل بين أولادها في العطية، كما هو الراجح من أقوال الفقهاء، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 27738.
رابعا: من حق زوجتك الامتناع عن السكنى مع أهلك، إلا إذا كانت سكناها في جزء مستقل بمرافقه، ينتفي عنها فيه الحرج بدخول الناس عليها، فإن لم يكن مستقلا، فمن حقها الامتناع، ومن الواجب عليك أن توفر لها مسكنا مستقلا - إن طلبته -، ولو عن طريق الأجرة، وراجع الفتوى: 138746، والفتوى: 307981.
خامسا: الطلاق مباح في الأصل، ولكنه يكره لغير حاجة، ومن العلماء من رأى حرمته؛ لما يترتب عليه من مفاسد في الغالب، فلا تعجل إليه، وخاصة إن كانت زوجتك ذات دين، بل اجتهد في البحث عن سبل الإصلاح، وما يمكن أن يعين على ديمومة الحياة الزوجية.
ولا تنس أن تكثر من الدعاء وسؤال الله عز وجل التوفيق، وربنا قريب مجيب، فهو القائل: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}. والمقصود التروي، والنظر، فلا تلجأ للطلاق، إلا إذا ترجحت مصلحته.
والله أعلم.