السؤال
هل تقبل توبة من يذنب، ويعلل نفسه، ويمنيها بأنه متى أراد التوبة أمكنه ذلك؛ حيث يقول ما دامت التوبة تجب ما قبلها إذن أفعل ما أشاء من المحرمات، ثم أتوب. هل تقبل توبته أو لا تقبل؟
هل تقبل توبة من يذنب، ويعلل نفسه، ويمنيها بأنه متى أراد التوبة أمكنه ذلك؛ حيث يقول ما دامت التوبة تجب ما قبلها إذن أفعل ما أشاء من المحرمات، ثم أتوب. هل تقبل توبته أو لا تقبل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التوبة تمحو ما قبلها، وإن تكرر الذنب، لكن ذلك لا يسوغ الإقدام على الذنب مع نية التوبة فيما بعد، فإن العزم على فعل المعصية وحده ذنب، وفعل المعصية ذنب آخر، كما أن التسويف، وتأخير التوبة من الذنب يعتبر ذنبا أيضا، فمن يضمن لهذا المسوف المقدم على الذنب مع نية التوبة منه أن تطول به الحياة حتى يتوب؟ ومن يضمن له ألا يطبع الله على قلبه بسبب الذنب والتسويف فلا يوفق للتوبة؟
قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: والتوبة واجبة على الفور، فمن أخرها زمانا صار عاصيا بتأخيرها، وكذلك يتكرر عصيانه بتكرار الأزمنة المتسعة لها، فيحتاج إلى توبة من تأخيرها، وهذا جار في تأخير كل ما يجب تقديمه من الطاعات. انتهى
ولكن مع ذلك كله فإن تاب -ولو بعد فعل الذنب- توبة نصوحا، مستوفية لشروطها: من الإقلاع، والعزم على عدم معاودة الذنب، والندم على فعله، ورد الحق لمستحقه إن كان الذنب متعلقا بحق آدمي، فإن توبته مقبولة، فإنه ما من ذنب إلا والتوبة النصوح منه مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها، ويعود هذا الشخص كمن لم يذنب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
فلا فرق في قبول التوبة النصوح المستجمعة لشروطها بين من كان ناويا التوبة قبل فعل المعصية، وبين غيره من مسوفي التوبة.
وقد سئل ابن عثيمين: شخص نوى أن يفعل معصية، ونوى في نفس الوقت بأنه إذا انتهى من فعل هذه المعصية أن يتوب إلى الله، هل تقبل هذه التوبة أم لا؟
فأجاب: إذا فعل المعصية بهذه النية، فإن هذه النية لا تنفعه، ولا تخفف عنه من عقوبة المعصية، لكن إذا فعل المعصية ثم تاب توبة نصوحا، قبلها الله عز وجل؛ لقول الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. اهـ.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 188067.
والله أعلم.