السؤال
أنا شاب عمري 16 سنة، وأنا مشوش في أمر عبادة الله؛ فأنا أعرف أن الصلاة والذكر وقراءة القرآن هي أفضل العبادات، وفي الوقت ذاته أرى أن وقتي يضيع في الدراسة، مع أني أنوي تحصيل العلم كما أمر الله تعالى، فأفكر مرات كثيرة أن من الأفضل لي ألا أهتم كثيرا بالدراسة، والعمل، اللذين -كما أعرف- لم يشدد عليهما الله تعالى كما شدد في الذكر وقراءة القرآن، وأن أظل أذكر وأقرأ وأتعبد؛ لأكسب حسنات كثيرة؛ لأني أشعر أن تحصيل العلم لا يرضي الله في كل هذا الوقت الذي أقضيه فيه، وأن الأفضل أن أقضيه في أمور تعبدية أخرى، فهل لكم أن ترشدوني بخصوص هذا الأمر، فأنا حقا مشوش في كيفية عبادة الله، وكيف يريد الله أن نقضي أغلب وقتنا؟ وشكرا جزيلا على جهودكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم -بارك الله فيك- أن المسلم يعبد الله على جميع الحالات، فهو إذا درس وذاكر يعبد الله تعالى بذلك، إذا نوى نيات طيبة من نفع المسلمين، وبر والديه، والأخذ بأسباب نهوض الأمة، وكفاية نفسه فيما يستقبل -بإذن الله تعالى- بعمل يكف به وجهه عن المسألة. وتلك عبادات جليلة، عظيمة الأجر.
ثم إنه ينظم وقته، فلا يقصر في الفرائض، بل يؤديها بتمامها.
ويستكثر من النوافل، ويؤدي منها ما يتيسر له وما يستطيع المواظبة عليه.
ويلزم ذكر الله على جميع الأحيان، فيأتي بما تيسر من الأذكار الموظفة، ويحرك لسانه بذكر الله تعالى المطلق ما قدر على ذلك. وكل هذه عبادات يعود على العبد نفعها.
ولم يأمرنا الله عز وجل بترك الدنيا، والكف عن التعلم، والسعي للتكسب؛ لنلزم الذكر، ونحوه من العبادات، بل شرع لنا في كل حال الاشتغال بالعبادة المناسبة له، وقد كان أنبياء الله يتكسبون، وكان الصالحون من بعدهم كذلك.
فننصحك -بارك الله فيك- بأن تجتهد في دراستك ومذاكرتك، مستحضرا ما ذكرناه لك من النيات الصالحة، عالما أنك بذلك مأجور مثاب، وأن تعمر سائر أوقاتك بذكر الله وعبادته، دون أن تقصر في الواجبات المنوطة بك، والتي من شأن قيامك بها أن يهيئك لنفع نفسك، والمسلمين فيما بعد. وفقك الله لما فيه رضاه.
والله أعلم.