السؤال
بداية: أشكركم على هاته النافذة التي تفتحونها لنا للكتابة، والاستشارة عن كل مشاكلنا.
أختي الكبرى تبلغ من العمر 27 سنة، وهي فتاة صالحة تحب الله ورسوله، وكانت تشجع نفسها دائما على فعل الخير، وترك كل ما يمكن أن يجلب لها الآثام والمعاصي، وخطبت السنة الماضية، وفي الشهر الآتي سيكون كتابة كتابها -إن شاء الله-.
وفي فترة خطبتها كانت تتكلم كثيرا مع خطيبها، ولا تفعل شيئا محرما، بل كانت تتكلم فقط، وهي لم يسبق لها أن دخلت في أي علاقة، وكانت هذه أول علاقاتها العاطفية، ومن ثم؛ فقد أفرغت كل مكنوناتها العاطفية التي كانت قد خبأتها في حين واحد، ولم تعرف كيف تسيطر عليها، ولا كيف تؤطر حبها وإعجابها.
بعد فترة وبعدما قرأت مخططاتها، أحست كأنها خذلت نفسها؛ لأنها في نظرها قد خانت الله وعصته، فبدأت بمحاسبة نفسها حسابا عسيرا، ومن هنا بدأت المشكلة:
فقبل شهرين أصبحت لديها أفكار وسواسية عن الله، وأنها لا تحبنا، وأنها شخص ليس له فائدة، وأنها عاصية لله، ولم تترك صلاتها، ولا قيامها، وهي تحفظ من القرآن ثمانية أحزاب، لكنها تقول: إنها لا تحس بلذة القراءة، ولا الصلاة، ولم تعد تحس بالعالم، وأصبحت ترى نفسها أنها منعزلة عنه، وكأنها قد خبأت نفسها الحقيقية وظهرت بأخرى دون مشاعر ولا حب، ولا فرح ولا حزن.
وهي تبكي كثيرا عندما تحكي هذا الأمر، فهي ترى أنها مصابة بما يسمى تبلد المشاعر، هكذا ترى نفسها.
سبق أن ذهبت لطبيب نفسي وقال: إن هذا بداية اكتئاب، وأعطاها دواءين: واحد للطاقة الإيجابية، والثاني للاكتئاب، ولم تشرب أيا منهما.
أحتاج مساعدتكم في أقرب وقت ممكن، فأنا لا أعرف كيف أساعدها، وهل يجب أن تذهب لطبيب آخر؟ وماذا يمكننا أن نفعل؟ شكرا جزيلا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نوصي أولا بكثرة دعاء الله عز وجل لها، والتضرع إليه، فهو الذي يذهب البأس رب الناس، وهو من يكشف السوء، قال تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير {الأنعام:17}، وراجعي الفتوى: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء، وأسباب إجابته.
ثانيا: لا يستغرب ممن كان مثلها على استقامة، أن تستعظم استرسالها في مثل هذه العلاقة العاطفية، ومحادثتها أجنبيا عنها.
وحسن أن يدفعها ذلك إلى الخوف من هذا الذنب، ولكن أن يبلغ بها الخوف لهذه الدرجة، فهذا نوع من المرض، قد يدفعها إلى القنوط من رحمة الله تعالى.
فينبغي أن يفتح لها باب الأمل والرجاء، وتذكر بعظم رحمة الله ومغفرته، وأن مغفرته لا يعظم معها ذنب، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}، وروى الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة.
وينبغي أن توعظ من قبل بعض أهل العلم والفضل؛ فذلك أرجى لأن يكون له تأثير عليها.
ثالثا: ينبغي أن تجاهد نفسها، وتجتهد في ذكر الله عز وجل، وأن ترقي نفسها بالرقية الشرعية.
ولا بأس أن يرقيها بعض أهل الاستقامة؛ فالرقية الشرعية نافعة بكل حال.
رابعا: إذا شخص بعض أهل الاختصاص حالتها بأن لديها نوعا من الاكتئاب، ووصفوا لها العلاج، فيحسن بها استخدامه.
وحاولوا أن تسلطوا عليها من يقنعها بذلك، فقد تعينها على الهدوء، وطرد القلق والتوتر، ويمكنها ذلك من العمل الإيجابي، والتفكير السليم.
وإذا كان هؤلاء الاختصاصيون من ذوي الخبرة، والسمعة الحسنة، فقد لا تكون هنالك حاجة لمراجعة غيرهم، فضلا عن أن يكون ذلك واجبا.
خامسا: إتمام الزواج يمكن أن يكون معينا على شفائها من هذه الحالة التي هي فيها، وعودتها إلى حياتها العادية، فنرجو أن يكون هذا محل اهتمام، ومحلا للتشاور، والنظر فيه.
سادسا: هذا بعض ما يسر الله عز وجل لنا كتابته من التوجيهات، وإن أردتم المزيد، فيمكنكم الكتابة لقسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:
http://consult.islamweb.net/consult/index.php
والله أعلم.