السؤال
تزوجت منذ 27 سنة، وهناك خلافات كثيرة، ومنذ بداية زواجي وأنا أشعر ببرودة من زوجتي، وطلبت منها مرارا أن تهتم بي، وتشعرني بحبها لي، لكن دون جدوى.
وبعد أكثر من 16 سنة تزوجت سرا عنها بشكل شرعي فقط، ولم يستمر أكثر من أشهر قليلة، وتركتها، وبعد ذلك علمت زوجتي، وبدأت المشاكل، واستمرت لحد الآن، وأنا منذ تسع سنوات تقريبا أحاول أن أرضيها؛ حتى إننا هاجرنا خارج البلد، ولكن بلا فائدة، فلا زلنا على خلاف دائم بسبب الزواج القديم، وهي تطلب الطلاق، فهل يجوز لها هجري، والامتناع عن معاشرتي ونحن الآن في بلد أجنبي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرأة مطالبة شرعا بمعاشرة زوجها المعروف، كما أنه مطالب بذلك أيضا، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف{البقرة:228}.
وأمر الحب قلبي، لا تملكه زوجتك، ولكن التودد في المعاملة، والتزين، وحسن التبعل، ونحو ذلك، هو الذي ينبغي لها أن تفعله، روى النسائي في السنن الكبرى عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهماـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول: والله، لا أذوق غمضا حتى ترضى.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228].
ونشير من خلال هذا الحديث والأثر إلى أمرين مهمين:
أولهما: أن يكون الجانب الإيماني، وربط الأمر بالآخرة، ودخول الجنة، حاضرا في المناصحة بين الزوجين، ويمكن الاستعانة فيها ببعض العلماء، والفضلاء من الناس، وذوي التأثير.
ثانيهما: أنه ينبغي للزوج أن يكون قائما تجاه زوجته بهذا الأمر الذي يحبه، ويطلبه منها، فإذا كان الزوج كذلك، فالمرجو من المرأة مبادلة زوجها بمثل ما يفعله معها.
وليس من حق زوجتك هجرك، أو الامتناع عن معاشرتك.
ولا يجوز لها طلب الطلاق؛ لكونك قد سبق وأن تزوجت من زوجة ثانية، ومسوغات طلب الطلاق سبق وأن بيناها في الفتوى: 37112.
وهي بهذه التصرفات تعد ناشزا، وسبق بيان كيفية علاج النشوز في الفتوى: 1103.
فعالج زوجتك بما يمكن من هذه الأمور المضمنة في هذه الفتوى.
ويمكنك أن تطلب تدخل العقلاء من أهلك وأهلها، إن كان ذلك ممكنا، ورجوت أن تكون فيه مصلحة.
ولا تنس أن تكثر من الدعاء، والتضرع إلى الله عز وجل أن يصلح حال زوجتك، فالأمر كله إليه سبحانه، قال تعالى: قل إن الأمر كله لله {آل عمران:154}، وهو القائل: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.
وانظر للمزيد، الفتوى: 119608، وهي عن آداب الدعاء.
والله أعلم.