السؤال
جزاكم الله خيرا على مساعدتكم لنا.
أنا شاب من المغرب، سني 32 سنة، وأرجو من حضرتكم أن تساعدوني؛ فقد ضاقت بي الدنيا، فأصبت بالاكتئاب، واليأس من صلاحي، رغم ذلك أنا في طريقي للالتزام، وأحاول مجاهدة نفسي عليه، وعندي هوس كبير بالزواج، أي أن شهوتي كبيرة، والفتنة كثيرة أينما ذهبت؛ فأشعر بوحدة قاسية، وبحثت أعواما كثيرة عن زوجة صالحة ملتزمة، ولكن هناك من يقول: ما زالت صغيرة، ومن يقول: ماذا عندك في جيبك؟ ومن يقول: ما زالت تدرس، ولا تفكر بالزواج، ومنهن من تريد بيتا خاصا بها، وأنا ما زلت في بيت أهلي، وبعضهن لم أجد انشراحا في الصدر تجاههن مهما حاولت.
رغبتي بالزواج سيطرت علي، فأصبحت لا أستطيع العمل، وأشعر بثقل، ولا أجد أي هدف، ولا يستهويني أي شيء في الدنيا سوى الزواج، حتى في طاعة الله بين فتور وطاعة، وهذا يعذبني، فأثقل في العبادة.
وفي الحقيقة أيضا أشعر كأنني التزمت فقط لأظفر بذات دين، والأمر يخيفني، ولم ينفع معي الصوم، ولا الصبر عن الزواج، فأهملت عملي، وعبادتي، ويكاد يصبني اليأس، ولا أترك الدعاء، ولا أترك الصلوات المفروضة في الجماعة، فماذا أفعل -جزاكم الله خيرا- فإني -والله العظيم- أقول: لن يستجيب الله لي؛ لأني ما زلت أذنب، وربما هناك ذنوب كثيرة لا أعلم بشأنها؛ لأن الله لا يستجيب إلا للمتقين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك التوفيق، والسداد في أمورك، وأن يفرج عنك الكرب، ويرزقك الزوجة الصالحة.
وقد أحسنت بحرصك على الدعاء، والمحافظة على الصلوات المفروضة في جماعة، فهذه من أبواب الخير العظيمة.
ونوصيك بالحرص على سلوك طريق الاستقامة، وعدم التهاون في ذلك، واجتناب الذنوب، والمعاصي؛ فهذا من أعظم ما يعينك على التخلص مما تشعر به من الضيق، والاكتئاب، قال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون {النحل:97}.
وهنالك كثير من الأمور الأخرى المعينة على راحة النفس، وحملها على العفاف غير ما ذكرنا، وغير ما ذكرت أنت من الصوم، فمن ذلك: شغل النفس بما ينفعها، وعدم ترك مجال للفراغ، هذا بالإضافة إلى صحبة الأخيار، وحضور مجالس العلم، ونحو ذلك.
ولا تلتفت إلى ما ينتابك من شعور بأنك لا تريد الاستقامة، إلا من أجل أن تظفر بامرأة دينة؛ فهذا من كيد الشيطان؛ ليصدك عن الخير، والعمل به، فاعمل على إغاظته بتحقيق عكس ما يبتغيه منك، واستعذ بالله من شره.
ولا ينبغي أن تيأس أبدا في سبيل البحث عن الزوجة الصالحة، بل أحسن ظنك بربك، وأمل فيه ما يسرك، فهو عند ظن عبده به، واستعن في ذلك ببعض الصالحين من إخوانك المسلمين.
ولا يغب عن ذهنك أن الزواج نفسه من أسباب الغنى، وأن من أقدم على الزواج بقصد العفاف، أعانه الله سبحانه، كما جاء في السنة، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 7863.
والله أعلم.