مقاطعة الأقارب المعتدين على الحقوق

0 21

السؤال

عندي مشكلة وهي أني قاطع لمعظم رحمي، مع أني اجتماعي لدرجة كبيرة، فقد قاطعت أختي من أبي؛ لأنها أتتني بعروس من أقاربها؛ فظهر أن البنت لا أخلاق لها، ولا دين، وطلقتها وهي حامل، ولما سألت عن المولود، أبلغتني أنه توفي، مع أني تأكدت أنه حي من سجلات المواليد والوفيات، وقاطعت أعمامي وعماتي؛ لأنهم لما توفي والدي كنت خارج البلاد، وأخفوا عني خبر الوفاة إلى ما بعد الدفن والعزاء؛ لأنهم كانوا يستولون على المنقولات من منزل والدي، وأعيش حاليا مع والدتي، وأقاطعها بسبب أنها دائمة السب، واللعن، وتتعامل في الأمور المادية بما لا يرضي الله، وتحرضني على أخذ ميراث أخواتي لحسابها، ومواضيع كثيرة محرمة، وليست شبهة، فهل مقاطعتي للأقارب الجائرين على حقوقي -بمن فيهم الأم- حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فصلة الرحم واجبة، وقطعها محرم، بل من كبائر المحرمات، ففي الصحيحين عن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع.

ولا تسقط صلة الرحم بفسق القريب، أو ظلمه، ولكن يوصل الرحم بما ليس فيه إعانة على الباطل، أو إقرار عليه، أو ضرر على الواصل، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: وقال الفضل بن عبد الصمد لأبي عبد الله: رجل له إخوة وأخوات بأرض غصب، ترى أن يزورهم؟ قال: نعم، يزورهم، ويراودهم على الخروج منها، فإن أجابوا إلى ذلك، وإلا لم يقم معهم، ولا يدع زيارتهم. انتهى.

وإذا كان هذا مع الأرحام عموما، فإن للوالدين شأنا خاصا، ولا سيما الأم؛ فإن حقها عظيم، وبرها من أوجب الواجبات، كما أن عقوقها من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.

فلا يجوز قطع الأم، مهما كان حالها. نعم، لا تطاع في معصية، ولا تقر على منكر، فتؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر برفق، وأدب، لكن لا تهجر، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}، وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: نحن أربعة إخوة، قد هدانا الله على يد أخي الأكبر، ولكن أبي يسبنا ويلعننا، وقد تحملناه وصبرنا على إيذائه لنا أربع سنوات، مع العلم أنه يوالي بعض الناس الذين يعينونه على المعاصي، ولا يحافظ على الصلاة، بل أحيانا يتركها بالمرة، وفي النهاية تركنا البيت، وهجرناه، فهل نأثم في ذلك، مع العلم أننا نصل أمنا؟

فأجاب: الواجب عليكم أن تسألوا الله الهداية لأبيكم، وأن تناصحوه دائما، ولا يحل لكم أن تهجروه، ولا أن تعقوه؛ لأن الله تعالى قال: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) {لقمان:14-15}

 فهذه الصورة التي ذكرها الله عز وجل يبذلان الجهد في ولدهما أن يشرك بالله، ومع ذلك يقول الله عز وجل: (وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فعليك أن تبر والديك، وربما يكون برك لهما سببا في صلاحهما. انتهى من اللقاء الشهري. وانظر الفتوى: 34365، والفتوى: 114460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة