السؤال
إن لي مسألة تشغل بالي ليلا ونهارا، وقد أصابني الكثير من الحزن والغم بسبب عدم حصولي على القول الفصل في حكمها، وهذا الأمر جعلني أبكي دائما وكثيرا.
المسألة: أنا رجل شاب، وقد فتح الله عز وجل لي في طلب العلم الرباني، وأنا كثير النصح لنفسي وأهلي وأصحابي باتباع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، على مذهب أهل السنة والجماعة.
ومؤخرا أصبت بداء عرق النسا في ساقي الشمال، المسمى طبيا بالعصب الوركي، وتعالجت كثيرا عند الأطباء، ولم أشف، ثم تعالجت بإلية الشاة الأعرابية، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضا لم أشف.
ثم أشفق علي والدي، وطلبا مني أن أتعالج عند شيخ يدعي أنه يعالج بالرقى والأعشاب، فعارضتهم؛ لأني أشك في صدق هذا الشيخ الذي تحوم حوله الشبهات بأنه يتعامل بالشعوذة، وبعد نقاش حاد بيني وبين أبي، أرغمني على العلاج عند هذا الشيخ، ونفى عنه شبهة الشعوذة؛ فقبلت بذلك الأمر؛ تفاديا للشجار مع أبي، وقلبي كاره للقاء ذلك الشيخ المشبوه، ثم قدم ذلك الشيخ إلى البيت، وتقابلت معه، وطلب من أبي إحضار غصن من شجرة التين، منزوع الورق، ويجب أن يكون مقاس طول ذلك الغصن يساوي المسافة التي بين مرفق يدي إلى نهاية الإصبع الوسطى من يدي، مع إحضار قارورة ماء، ثم طلب مني أن أكشف عن ساقي المصاب، وبدأ يمرر كف يده اليمنى من ركبتي نزولا إلى أصابع قدمي، وبدأ يفعل ذلك مرارا وتكرارا، وقال لي: إذا شعرت بشيء يتحرك داخل ساقك، فأخبرني، فشعرت حقا بذلك الأمر، ولكني أخفيته عنه؛ لكيلا أشجعه على هذا العمل الخبيث، ثم قال لي: إن في ساقك ريحا حمراء، سببها سحر أو مس، ثم أمسك غصن شجرة التين، وبدأ يضربني به ضربا خفيفا من خلف كتفي الشمال، نزولا إلى قدمي الشمال، وفعل ذلك مرارا وتكرارا، ثم قام بوضع ذلك الغصن على الأرض، وطلب مني أن أتخطى الغصن سبع مرات ذهابا وإيابا برجلي الشمال، وبعد ذلك التقط ذلك الغصن، ووضعه على سبابة يدي الشمال، وقال لي: انتظر حتى يستقر الغصن متوازنا فوق السبابة؛ ففعلت ذلك وأنا كاره لهذا الأمر، وبعد ذلك قام بوضع علامة بالقلم في منتصف الغصن، وقال لأبي: قم بتغليف هذا الغصن، وطلب مني أن أقوم في يوم الغد بتقسيم ذلك الغصن في المنتصف بالاعتماد على علامة القلم، ويجب أن يكون القطع بمنشار حاد كي لا يتشقق الغصن، ثم قال لي: اذهب إلى مكان ناء، وقم برمي جزء من الغصن في جهة الشرق، والجزء الآخر في جهة الغرب، وطلب مني ألا أغتسل لمدة ثلاثة أيام، ثم قرأ بعض قصار السور، وآيات قرآنية في تلك القارورة المائية.
ثم بعد رحيله قمت برمي ذلك الماء، ولم أشرب منه قط، عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في جزاء وفضل من لا يسترقون، ثم فعلت تلك المطالب التي أمر بها ذلك الشيخ وأنا كاره لها غير مؤمن بها، بل حينما كنت مجتمعا به كنت أقرأ في نفسي آية الكرسي، وأدعو الله أن يصرف عني شره، وأني بريء من عمله ودجله، وأقول: "اللهم إني أفوض إليك أمري فيما أكرهوني، وأجبروني عليه"، وأن قلبي مطمئن بأن هذا العمل ما أنزل الله به من سلطان، فهل ما قمت بفعله يعد شركا، وهو من نواقض الإسلام؟ وهل حبط عملي؟ وهل يجب علي التوبة؟ مع العلم أنني لم أكن راضيا بالأمر، وكنت كارها له، ولم يطمئن قلبي له، بل كنت مكرها مجبرا، ولم أؤمن بشيء مما قال وفعل.
إن قلبي حزين، ونفسي توسوس لي بأني قد أشركت برب العالمين، وأنني قد فعلت السحر، وأن الله قد غضب علي، فأرشدوني، وطمئنوني -رحمكم الله-.