السؤال
في البداية: أتوجه إليكم بالشكر؛ لأنكم كنتم أحد أهم الأسباب في تركي للعادة السرية، التي لم أقترب لها منذ ثمانية أيام، وأشكركم أيضا على أنكم كنتم سببا بعد الله تعالى في مواظبتي على الصلاة، وجزاكم الله خيرا، فمن لا يشكر الناس، لا يشكر الله.
مشكلتي مع أبي، فأنا خائف عليه جدا، فهو دائم التواصل مع الكهان والعرافين على فترات زمنية متقطعة، ويستشيرهم في بعض الأمور، ويصدقهم، وقد أخبرته بهذا الحديث الشريف عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أتى عرافا، فسأله عن شيء، لم تقبل منه صلاة أربعين يوما". رواه مسلم. ولا أعلم إن كانت يوما أو ليلة، فأرجو التوضيح.
ولكنه لم يبال بذلك، فأخبرته بالحديث الآخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافا أو كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم". رواه أبو داود. فكيف أتعامل مع أبي؟ فهو يريدني أن أذهب معه إلى أحد العرافين الذي يدعي أنني معمول لي عمل، أنا وأختي وأبي، فهل علي الذهاب معه، ومحاولة إقناع ذلك العراف أنه على ضلال؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما حديث: من أتى عرافا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. فرواه مسلم.
وليس معنى عدم قبول الصلاة في هذه المدة بطلانها، أو وجوب إعادتها، وإنما معناه: عدم ثوابها، أو قلته، أو عدم الرضى بهذا العمل، وراجع في ذلك الفتوى: 379498.
وأما حديث: من أتى كاهنا أو عرافا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني. فالكفر المذكور فيه قد يكون كفرا أكبر، وقد يكون كفرا أصغر، بحسب حال مصدق الكاهن، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى: 340282، 178191، 313726.
وأما كيفية معاملة والدك، فكما أمر الله: أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا [لقمان:14-15].
فيجب عليك الإحسان إليه، والرفق به، ومصاحبته بالمعروف، حتى ولو أمرك بمنكر، كالذهاب لعراف، أو ساحر، فلا تطعه في ذلك، وانصح له برفق، وأدب، قال الإمام أحمد: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ. من كتاب الآداب الشرعية.
ولا ننصحك بالذهاب لهذا العراف، ولو بغرض الإنكار عليه، إلا إن كنت تعلم من نفسك القدرة على ذلك، علما وعملا؛ بحيث تستطيع بيان الحق له، ونصحه، وإقامة الحجة عليه، وفي الوقت نفسه يكون لك من العمل الصالح، والمحافظة على ذكر الله، ما يحفظك الله به من شره.
والله أعلم.