السؤال
قامت زوجتي بشراء مستلزمات -بالقسط- لها، ولوالدتها، ولأولادي دون علمي، وقامت بسداد بعض منها عن طريق الاقتراض من بعض الأقارب، وبعدها قامت بتأليف قصص تمس عرض ناس بعيدين عن الشبهات؛ لأنها قامت بالاقتراض منهم دون علمي، فهل الطلاق والانفصال في مثل هذه الحالة جائز، أم إن فيه ظلما؟ أرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق في أصله مباح، ولكنه يكره لغير حاجة، كما هو مبين في الفتوى: 43627.
فإن طلقت زوجتك، فلا تكون بذلك ظالما لها.
ولكن لا ينبغي المصير إلى الطلاق لأدنى سبب، بل الأولى المحافظة على كيان الأسرة، ما أمكن، فأضرار الطلاق راجحة على مصالحه، في الغالب؛ ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى حرمته، إن لم تدع إليه حاجة، فمن تمام كلام ابن قدامة في الفتوى التي أحلناك عليها، قوله عن الطلاق لغير حاجة: وقال القاضي: فيه روايتان:
إحداهما: أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراما، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر، ولا ضرار.
والثانية أنه مباح. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أنه لا يلزم المرأة أن تعلم زوجها إن أرادت أن تستلف شيئا في ذمتها، ولو أعلمته، فربما كان ذلك أفضل؛ فالتشاور بين الزوجين في أمورهما أمر حسن، تطيب به الخواطر.
وينبغي للمسلم -رجلا كان أم امرأة- ترك الاستدانة لغير حاجة؛ لئلا يشغل ذمته بحقوق الخلق.
ومما يدل على عظم شأن الدين: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين.
الثاني: أن نفقة الزوجة، وأولادها في المأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن واجبة على الزوج، لا يجوز له التفريط فيها.
وإن بخل بها الزوج، جاز لزوجته أن تأخذ بقدرها من ماله دون علمه؛ لحديث هند بنت عتبة -رضي الله عنها-، ففي صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أن هند -رضي الله عنها- قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، فأحتاج أن آخذ من ماله؟ قال: "خذي ما يكفيك وولدك، بالمعروف".
والكلام الأخير والمتعلق بالمساس بالعرض، لم نفهم المقصود منه حتى نعلق عليه.
والله أعلم.