السؤال
هل يجوز لي منع خطيبتي من السفر دون محرم، ومن مخاطبة بعض الرجال؟ علما أن وليها الشرعي -والدها- لا يهتم بهذه التفاصيل، ولا ينهاها عن القيام بها. وأنها لا تريد من يأمرها أو يتسلط عليها، حتى بعد الزواج، وترى أن عليها إعلامي فقط، قبل القيام بالشيء؛ بحجة أنها عاقلة، وقادرة على تمييز الخطأ من الصواب. شكرا، بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الحال بينكما مجرد خطبة، فليس لك الحق في منع هذه الفتاة من السفر بدون محرم، فأمرها لوليها وهو المسؤول عنها، فينبغي أن ينصح بأن يتقي الله في موليته، ويبين له أنها أمانة عنده، يحاسب عليها، وأنه يجب عليه الحزم معها، ومنعها من فعل ما لا يجوز شرعا من الاختلاط المحرم، أو السفر بدون محرم.
قال الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم {النساء:11}، قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام؛ كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة {التحريم:6}. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته.... الحديث.
ويشرع في حقك أن تنصحها بالحسنى، وتبين لها خطأ ما تفعل، وأنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بغير محرم؛ لكون النصوص الشرعية قد وردت بالمنع من ذلك، ويمكنك أن تستعين بما ورد في الفتوى: 6219. وتبين لها أيضا أن من مقتضى الإيمان أن يكون الهوى تابعا للشرع، قال الله سبحانه: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب:36}.
وينبغي أن تعلم هذه الفتاة أيضا أن المرأة إذا عقد لها على زوجها العقد الشرعي ودخل بها يلزمها طاعته في المعروف، وهذا من مقتضى ما جعل الشرع من قوامته عليها، قال الله سبحانه: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..... الآية{النساء:34}،
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: أي هو رئيسها وكبيرها، والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت: (بما فضل الله بعضهم على بعض) أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري وكذا منصب القضاء وغير ذلك (وبما أنفقوا من أموالهم) أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال. اهـ.
وروى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وانظر الفتوى: 18857.
والله أعلم.