رفض الخاطب لأنه من دولة أخرى والتبرؤ من البنت

0 24

السؤال

أشكركم على هذه النافذة، التي جاءت بمثابة متنفس لحياة يحكمها شرع العادات، لا شرع الله.
أنا فتاة بلغت 26 من عمري، تقدم لخطبتي الكثير، ولم يكن هناك نصيب، ومؤخرا تقدمت لي صديقتي لأكون زوجة لأخيها، علما أن أخاها ذا خلق ودين، وحافظ لكتاب الله، ومطيع لوالديه؛ حتى إن الرجال يخطبونه لبناتهم، وقد استخرت، وأنا مرتاحة جدا، وبصراحة أكثر دعوت الله كثيرا أن يهبني شخصا كهذا، مع أني لم أكن أحلم به.
أخبرت والدتي؛ فثارت علي، وأخبرت والدي، فثار هو الثاني، كأني زنيت -أعوذ بالله-، وقال: إنه تبرأ مني؛ لأن هذا الشخص من دولة عربية غير دولتي، وأنا لا أريد غيره، وأحببت عائلته، وسؤال أهله وتفقد والده كأني ابنتهم، علما أن والدي جاف قاس غليظ، وقبل كل هذا فقد وضع الله له القبول، والرغبة فيه زوجا في الدنيا والآخرة.
كل صديقاتي تزوجن، وأصبح لديهن أطفال، وأهلي يقفون حاجزا أمام حياتي، ومستقبلي؛ بحكم لم ينزل الله به من سلطان، علما أن والدي، وأخي تزوجا من مدينة تبعد مئات الكيلومترات.
والله إن نفسيتي تعبت، ويئست، وأنا في كآبة بدل أن أفرح وأجهز نفسي.
أشكركم على وقتكم، ونرجو منكم النصح لعائلتي؛ علهم يتقون الله في حياتي، وقلبي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويرزقك الزوج الصالح، الذي تسعدين معه في دنياك وأخراك، إن ربنا قريب مجيب.

ونوصيك بكثرة الدعاء، فربنا قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فلن يخيب من رجاه، قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.

 وسبق أن بينا أنه ليس للولي أن يرفض خاطبا ملتزما بالشرع، فيمكنك مطالعة الفتوى: 998.

وكون هذا الخاطب من دولة أخرى غير دولتكم، لا يمنع شرعا من زواجك منه، فلا ينبغي لأبويك الحيلولة دون زواجك منه، فوسطي لهم من ترجين أن يقبلا قوله.

فإن اقتنعا، فالحمد لله، وإلا كان لك الحق في رفع الأمر للقضاء الشرعي، فإن ثبت عنده عضل وليك لك، زوجك القاضي الشرعي، فالسلطان ومن ينوب عنه، ولي من لا ولي له، وراجعي الفتوى: 79908.

 وإن رأيت البر بأبويك وترك الزواج من هذا الشخص الذي لا يرغبان فيه، فلعل الله تعالى يرزقك بهذا البر من هو خير منه، ففوضي أمرك لله، فهو أعلم بعواقب الأمور، فكم من امرأة تعلق قلبها برجل، وظنت أنه جنتها، فإذا بها تنقلب حياتها معه بعد الزواج إلى جحيم، قال تعالى: كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة:216}.

ولا ندري ما يقصد أبوك ببراءته منك، فإن كان المقصود البراءة من النسب، فلا يمكنه نفيه، فأنت ابنته، بل لا يجوز له نفيه؛ لأنه قد ورد في ذلك الوعيد الشديد، روى أبو داود، والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأيما رجل جحد ولده، وهو ينظر إليه، احتجب الله منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة