السؤال
تزوجت وأنا ابنة 14 سنة، ولي معه الآن 22 سنة، وعندي 3 أطفال.
كانت تحصل بيني وبين زوجي مشاكل كثيرة. تحملت أذاه واحتقاره لي من أجل أبنائي، كنت لا أفقه من الحياة شيئا، كنت أراه كل شيء في حياتي، رغم ظلمه وإذلاله المستمر لي، وهجره الذي يصل إلى شهور كثيرة.
كان منهجي معه السمع والطاعة، اتباعا لأوامر الله، وطاعة لوالدي الذي كلما شكوته له، يأمرني بالصبر، وصبرت وتحملت. حياتي تحمل تفاصيل كثيرة، لو دونتها لكم لما كفت الأسطر لطرحها.
في السنة الماضية وقع خلاف بسيط بيننا بسبب الأطفال، كان سببا في كشف خفايا كنت أجهلها منه، ومن أهله الذي أبدوا حقدا وحسدا كبيرا لي، حتى إنه تلفظ بقول: لو تنازلت عن نفقتها سأطلقها. أحسست بإهانة كبيرة، رأيت من خلال كلماته أن كل سنوات صبري معه باءت بالفشل. وأنه لم ير من عشرتي ولا يوما جميلا. وجدت نفسي في معادلة بيني وبين المال، وأنه فضل المال علي. كرهته، أصبحت أشمئز منه، لم أعد أطيقه. وأردت الطلاق، لكنه وأهلي رفضوا.
طلب مني أن أسامحه، لكن اعتذاره جاء متأخرا جدا. ما عدت أستطيع العيش معه كما كنت في السابق، ولا زلت رغم مرور سنة على المشكلة أريد الطلاق.
أنا الآن أعيش معه في نفس المنزل، ولكني لا أعطيه حقوقه؛ لأن وجودي معه مفروض علي من قبل أهلي.
ماذا أفعل؟
أرشدوني هل علي ذنب في طلب الطلاق؟
وإذا بقيت معه هل علي ذنب في عدم إعطائي لحقوقه الزوجية؟
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق من أبغض الحلال إلى الله، ولا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها من غير مسوغ، وإلا فهي آثمة بذلك متعرضة لسخط الله ومقته. فقد روى أبو داود والترمذي وابن حبان عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنة.
وأما المسوغ والأسباب التي تبيح لها أن تسأل زوجها الطلاق، فيمكن إجمالها في حصول الضرر منه عليها بسوء عشرة، أو عدم إعفاف، أو أذية من سب أو شتم أو غيره.
قال خليل في مختصره الفقهي: ولها التطليق بالضرر البين. اهـ.
وقال صاحب نظم الكفاف، موضحا أنواع الضرر التي يمكن لمن تأذت بها أن تطلب الطلاق:
للمرأة التطليق إن آذاها بشتمها وشتم والداها
تحويل وجهه وقطع النطق وأخذ مالها بغير حق
ولكن ما دامت المرأة باقية في عصمة زوجها، باذلا لها حقوقها، فيحرم عليها أن تمنعه حقوقه الزوجية، وتأثم بالتقصير في شأن ذلك. فمثلا يحرم عليها أن تمتنع عن فراشه إذا دعاها إليه، ولم يكن ثـم مانع، ولا ثـم عذر يمنعها من تلبية دعوته.
ومما يدل على عدم جواز أن تهجر الزوجة فراش زوجها بدون عذر، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. وعن طلق بن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور. رواه النسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن حبان.
وأما ما ذكرت السائلة من حال بغضها لزوجها وعدم رغبتها في معاشرته والبقاء معه. فنذكرها بأن تصبر وتسعى إلى تسوية الخلافات بينهما بالطرق الودية التي تضمن استمرارية العلاقة الزوجية، وتحافظ على الأسرة من التفكك.
وإن وجدت أن تلك الحلول الودية لم تفد ولم تجد، وكانت تخشى أن تضيع حقوقه الزوجية بسبب بغضها له, فقد جعل لها الشرع من ذلك مخرجا كريما وسلوكا قويما، ألا وهو الخلع, وقد بينا ذلك في الفتاوى: 97645, 3875, 3118.
والله أعلم.