السؤال
ما حكم من حلف يمين الطلاق على زميل له بعدم التعامل معه مرة أخرى في أمر ما، من باب إلزام النفس بترك معصية كانا يفعلانها سويا. ثم عاد وفعل، مع العلم أن اليمين كانت في لحظة غضب. وكان الهدف منها أن تجبر اليمين صاحبها على عدم فعل مثل هذا الأمر، إلا أنه فعله.
فهل يقع الطلاق في هذه الحالة، أم إنها تحتسب يمينا، وعليها كفارة؟ وكانت اليمين بصيغة: علي الطلاق بالثلاث، ما عدت متعاملا معك في هذا الأمر؟
أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا.
وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى: 11592
وعليه؛ فما دام الحالف قد حنث في يمينه؛ فالمفتى به عندنا أن زوجته قد طلقت منه ثلاثا، وبانت منه بينونة كبرى فلا تحل له إلا إذا تزوجت زوجا غيره -زواج رغبة لا زواج تحليل- ودخل بها الزوج، ثم طلقها، أو مات عنها وانقضت عدتها منه.
وأما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فما دام الحالف لم يقصد إيقاع الطلاق، ولكن قصد منع نفسه من فعل المعصية؛ فلم يقع طلاقه، ولكن عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى: 2022
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.
كما أن استعمال الأيمان لحمل النفس على الإقلاع عن المعاصي مسلك غير سديد، والمسلك السديد هو الاستعانة بالله عز وجل، والتوبة النصوح، وراجع الفتوى: 151459
والله أعلم.