السؤال
أنا عمري الآن 41 سنة، أبحث عن زوجة منذ كان عمري 27 سنة، وذهبت إلى بيوت كثيرة، ولم يحدث توفيق. وكانت أول عروسة أتقدم لها منتقبة، وأنا غير ملتح، ولم أكن أعرف ما معنى منتقبة. المهم كان هناك قبول من الطرفين: أنا والعروسة، لكن والدها رفض؛ لأنه يريد عريسا ملتحيا وغنيا!
بعد ذلك بفترة طويلة قمت بإعفاء اللحية بعد حضور دروس شرعية بأحد المساجد، وتقدمت لعروسة أخرى غير منتقبة، وحاولت إقناعها بلبس النقاب، ولكنها رفضت. وأصابتني حالة غريبة من الفتور؛ حيث إني كنت لا أترك السواك، فوجدت نفسي تركته لسنين، وانقطعت بعدها عن الدروس الشرعية. بعدها تقدمت لعروسة منتقبة، وكان هناك رضا مني ومنها، ولكن لم يحدث توفيق لتكملة الزواج. وفي مرة من غضبي وحالة الملل التي أصابتني من كثرة دخول البيوت قلت: والله لن أجدها. وحدث بعدها أن دخلت بيوتا كثيرة، ولم يحدث توفيق إلى الآن؛ لدرجة أنه أحيانا يراودنى تفكير أنه لو كنت بدون لحية كان من الممكن أن يكون زواجي أسهل. أضف إلى ذلك كثرة الذنوب التي أقع فيها، وأقول لنفسي إنني منافق، وما فائدة اللحية مع هذه الذنوب؟ وكيف أطلب الزواج من منتقبة، وأنا مذنب بهذا الشكل؟ أنا في حيرة شديدة جدا. هل هو النصيب؟ أم الكلمة التي قلتها في لحظة غضب؟ لا أعرف.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن الجزم بسبب عدم توفيقك إلى الزوجة الصالحة، لكن الذي لا ريب فيه أن كل ذلك يجري وفق أقدار الله تعالى التي يجريها على عباده بحكمته العالية، ورحمته الواسعة.
وعلى وجه العموم، فإن العبد إذا شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهم نفسه، ويراجع حاله مع الله، ويجدد التوبة إلى الله، فإنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة؛ فإن الذنوب والمعاصي سبب الشر و البلاء.
ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: يا عبادي؛ إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
قال ابن رجب الحنبلي –رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فالمؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء، رجع إلى نفسه باللوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار. اهـ
وقال ابن القيم –رحمه الله- في الجواب الكافي: ومن عقوبات الذنوب إنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. انتهى.
فبادر بتجديد التوبة العامة، واجتهد في الأعمال الصالحة، وأكثر من ذكر الله، ودعائه، وأحسن ظنك به؛ فإنه قريب مجيب. وأبشر بعد ذلك بتيسير أمورك، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق:4}.
وبخصوص حكم اللحية راجع الفتوى: 413677. وإحالاتها.
والله أعلم.