السؤال
(لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي)ما معنى هذه العبارة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فإن ما سألت عنه جزء من حديث يتعلق بالرؤيا، وقد رواه ابن ماجه, وغيره عن وكيع بن عدس العقيلي عن عمه أبي رزين أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت. قال: والرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. قال: وأحسبه قال: لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي. اهـ وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف ابن ماجه.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري تعليقا على هذا الحديث:
ولا يقصها إلا على واد بتشديد الدال اسم فاعل من الود، أو ذي رأي، وفي أخرى: ولا يحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا، وفي أخرى: ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح. قال القاضي أبو بكر بن العربي: أما العالم فإنه يؤولها له على الخير مهما أمكنه، وأما الناصح فإنه يرشد إلى ما ينفعه ويعينه عليه، وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعلمه بما يعول عليه في ذلك أو يسكت، وأما الحبيب فإن عرف خيرا قاله، وإن جهل أو شك سكت. قلت: والأولى الجمع بين الروايتين فإن اللبيب عبر به عن العالم، والحبيب عبر به عن الناصح، ووقع عند مسلم في حديث أبي سعيد في حديثي الباب. اهـ
وقال الطيبي في شرح المشكاة: ((إلا على واد)) : يشبه أن يراد به أنه إذا أخبر بها من لا يحبه، ربما حمله البغض والحسد على [تعبيرها] بمكروه، فيقع على تلك الصفة؛ فإن الرؤيا على رجل طائر.ومعناه أنها إذا كانت محتملة وجهين [فعبرت] بأحدهما، وقعت على وفق تلك الصفة. وقد يكون ظاهر الرؤيا مكروها [ويعبر] بمحبوب وعكسه، وهذا أمرمعروف لأهله. قوله: ((أو ذي رأي)) قال الزجاج: معناه ذو العلم بعبارة الرؤيا، فإنه يخبرك بحقيقة [تفسيرها] أو بأقرب ما يعلم منه. : فإن قيل: كيف له التخيير فيمن يعبر على ما ورد به الحديث: ((ولا يقصها إلى على واد أو ذي رأي))، والأقضية لا ترد بالتوقي عن الأسباب، ولا تختلف أحكامها باختلاف الدواعي؟ قلنا: هو مثل السعادة والشقاوة والسلامة والآفة المقضي بكل واحدة منها لصاحبها، ومع ذلك فقد أمر العبد بالتعرض للمحمود منها، والحذر عن المكروه منها. اهـ
والله أعلم.