السؤال
والدي لا يصلي إلا صلاة الجمعة فقط، وقد حاولنا معه بلا فائدة، وهو يغتاب الناس دائما، وفيه صفات أخرى سيئة، وعنده وسوسة في أن أمي تخونه مع من يأخذ قراءة العداد، وهذا غير صحيح إطلاقا، ووالدتي مواظبة على الصلاة، وأفضل منه كثيرا، ونحن لا نعرف ماذا نفعل مع والدي، وهو كبير في السن، وعنده مشاكل صحية، ولا يعمل لآخرته، ويتهم والدتي، فهل نأخذ والدتي لتعيش عند أخواتها، أو عند أبنائها -وأنا منهم- ونترك والدي، ونقسو عليه؟ وهل هذا عقوق له؟ مع التأكيد أن والدي لا يسمع أحدا، ومن الصعب تغيير طبعه، فماذا نعمل؟ فنحن نريد أن نبر الاثنين، ولا نعق أحدهما. جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز لأمك أن تترك بيت زوجها دون إذنه، ولا يجوز لكم إعانتها على ذلك، إلا إذا كان يؤذيها بالضرب المبرح، فلها ترك بيته، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية (باختصار): يرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية بلا إذن الزوج، إن كانت لها نازلة، ... وكذا إن ضربها ضربا مبرحا. انتهى.
وإذا كانت أمك متضررة من البقاء مع أبيك؛ فلها مفارقته بطلاق، أو خلع، ويجوز لكم إعانتها على ذلك.
ولا يجوز لكم على كل حال أن تقطعوا أباكم، أو تعاملوه بقسوة؛ فحق الوالد على ولده عظيم.
ومهما أساء إلى الولد، فلا يسقط حقه في البر، والمصاحبة بالمعروف، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}.
فعليكم بر أمكم وأبيكم، ولا يجوز لكم أن تسيئوا إلى أحدهما، أو تقصروا في حقه.
ومن بر الوالد؛ أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر برفق، وأدب، والسعي في استصلاحه، وإعانته على التوبة، والاستقامة على طاعة الله، ولا سيما الصلاة، فهي عمود الإسلام، ومفتاح كل خير، قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين {البقرة 45}، قال السعدي –رحمه الله- في تفسيره: أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يتسخطها.
فبالصبر، وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه، معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله. وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.
والله أعلم.