السؤال
منذ 20سنة ارتديت الحجاب، وكانت لدي بعض الشكوك، وكنت أخاف البوح بها إلى عام 2010، فقد تحدثت مع الدكتور الكويتي جميل، وأخبرته بكل شكوكي، إلى حين وقوعي على صورة داعية في الفيسبوك كان قد ألحد، وصورته لا تفارق ذهني، لماذا ألحد؟ فأسترجع الآيات ليل نهار في ذهني، إلى أن تشتت ذهني وتفكيري، ولم أعد أنام، ولم أعد أستطيع قراءة القرآن لأطفالي، وأصبحت أتمنى الموت، ولم أعد أعي ما حولي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس ضلال من ضل، أو كفر من كفر، بحجة على ثبات من آمن واهتدى!
ولو رجعت الأخت السائلة -وفقها الله لأرشد أمرها- إلى كتاب الله تعالى؛ لوجدت لهذا الداعية الذي ضل بعد هدى، وكفر بعد إيمان، ذكرا مفصلا.
ونحن نسوق إليك آيات من كتاب الله، تذكر هذه الحقيقة، وتبين جزاء من وقع في ذلك، وسبب وقوعه فيه؛ وذلك لتعلم السائلة أن وجود مثل هذا الصنف من الناس إنما هو شاهد على صدق القرآن، فتدبري -يرحمك الله- هذه الآيات الكريمات:
-{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون. ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون. من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون. ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}[الأعراف:175-179].
-{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم. أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم} [محمد:25-29].
-{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون. إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين} [آل عمران:85-91].
وأما بالنسبة للأخت السائلة، فلم تذكر شبهة أو إشكالا معينا يدعوها للشك، أو التشتت، فيتسنى لنا الجواب والبيان.
ولعل ما تشكو منه لا يعدو وسوسة الشيطان، وخواطر النفس الأمارة بالسوء، فلتستعذ بالله سبحانه، ولتلتجئ إليه بصدق، وافتقار أن يذهب عنها ما تجد.
ولتكثر من ذكره، وتلاوة كتابه؛ ففي ذلك -لمن فعله بتدبر، وإقبال قلب، وحضور عقل-، أعظم أسباب الهداية، والخروج من الظلمات إلى النور، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا. وسبحوه بكرة وأصيلا. هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما. تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما [الأحزاب:41-44].
ولتحرصي على البحث عن صحبة صالحة ناصحة من النساء المؤمنات، تدعو إلى الخير، وتعين عليه، وتحذر من الشر، وتنفر منه.
ونسأل الله تعالى أن يهديك إلى الحق المبين، وأن يكشف عنك ما تجدين.
والله أعلم.