هجر الزوج بسبب غضبه الشديد واستبداده بالرأي

0 12

السؤال

أشكركم على هذه الصفحة المفيدة.
زوجي عصبي جدا، ولا يطيق الحوار أو النقاش إلا إذا أراد ذلك، أقصد أنه في أغلب أمور حياتنا يعطي الأوامر فقط، وأنا متزوجة منذ عشرين سنة، ولم أعد أتحمل هذه الحياة، ولدي أربع أطفال.
والسبب الرئيس في هذا الوضع هو حياته السابقة؛ إذ إن أمه أخذته من أبيه، ولم يره قبل عمر العاشرة، وكان طفلا مدللا جدا، ولا يرد له طلب، وأنا -والله يشهد- لم أترك طريقة إلا حاولت بها؛ للتعايش معه، ولكني خارت قواي الآن، ولم أعد أستطع، فهل أنا آثمة على هجره ونحن في نفس البيت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فنسأل الله تعالى لزوجك صلاح الحال، وأن يرزقه الله تعالى الحلم، والصبر، وأن يجعل حياتك معه في سعادة، وهناء.

ونوصيك بكثرة الدعاء له بخير.

 وينبغي أن تعملي على مناصحته بالحسنى، وتذكيره بما جاء في السنة النبوية عن الغضب، وأنه مدخل من مداخل الشيطان، وأنه ربما استغله للإفساد والتفريق بين الأحبة، وخاصة الزوجين، ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -قال- فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت.

ويمكنك اطلاعه على فتوانا: 8038، ففيها بيان كيفية علاج الغضب.

وينبغي أيضا تذكيره بأهمية الشورى في أمور الحياة الزوجية، وبركة ذلك بأن تطيب الخواطر، وتنتشر المودة، وتقوى الألفة.

وقد أحسنت بصبرك عليه، واجتهادك في محاولة التعايش معه، وبما أنك قد رزقت منه هؤلاء الأولاد الأربعة -بارك الله لك فيهم-، فننصحك -حفاظا عليهم- بالصبر، والاجتهاد في سبيل إصلاحه، والاستعانة بالأخيار، عند الحاجة لذلك.

 واحرصي على الاستغفار، والذكر؛ فهما من خير ما يعين على الصبر، وبالذكر يهدأ البال، وتطمئن النفس، قال تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}.

  ولا يجوز لك هجره ما كان قائما بما لك عليه من الحقوق، كحقك في الفراش، والنفقة، ونحو ذلك، فإن ظلمك في شيء منها، جاز لك هجره، في قول بعض أهل العلم، قال الحافظ ابن حجر: ولا يتجه عليها اللوم، إلا إذا بدأت هي بالهجر؛ فغضب ‏هو لذلك، أو هجرها وهي ظالمة، فلم تستنصل من ذنبها وهجرته، أما لو بدأ هو بهجرها ظالما لها، فلا. اهـ. 

وقال الشيخ ابن عثيمين عند شرح الحديث الذي يمنع من هجر الزوجة فراش زوجها لغير عذر: والحاصل: أن هذه الألفاظ التي وردت في هذا الحديث هي مطلقة، لكنها مقيدة بكونه قائما بحقها.

أما إذا لم يقم بحقها، فلها أن تقتص منه، وأن تمنعه من حقه مثل ما منعها من حقها؛ لقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. وقوله: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. اهـ. ذكره في شرحه لرياض الصالحين.

  والغالب أن لا تكون للمرأة مصلحة راجحة في هجرها لزوجها، بل قد تتوسع بسببه الشقة بينهما، وتزداد المشاكل، وربما كان الفراق والطلاق، فتتشتت الأسرة، ويضيع الأولاد. 

ومن هنا؛ فلا ينبغي لها المصير لذلك بحال -يسر الله لك أمرك، وفرج عنك كربك، وجعلك وأولادك في سلامة وعافية من كل بلاء-.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة