السؤال
أنا متزوج منذ 14 سنة، ولي 5 أولاد. وعندي زوجة خلوقة ومحترمة، لكن كلما حدثت مشكلة تطلب الطلاق، وتحاول الخروج والهروب من البيت رغما عني، وتجمع أغراضها وتحاول الخروج. وعندها يبدأ البكاء والحزن على الأولاد، وتترك حالة نفسية صعبة جدا علي، وعلى أولادي. ودائما في هذه الحالة أستغفر ربي، وأحسبل عليها؛ لأنها أوصلتنا لهذه الحالة.
وفي نفس الوقت تحاول دائما منعي عن أهلي ووالدي وأمي، بعد أن حصلت مشكلة كبيرة بين إخوتي وأهلي وأهلها، وذهبت إلى أهلها لمدة 18 يوما بدون سبب مني كزوج، وأدى ذلك إلى مقاطعة وعدم كلام مع زوجتي من قبل إخوتي وأخواتي وأبي، ولا يزورني منهم أحد، لكني أزور أمي وأبي كل يوم، وآخذ أولادي معي بعض الأوقات، وزوجتي تذهب كل أسبوع إلى أهلها، وتجلس عندهم يوما كاملا، وحاليا أعيش في أزمة نفسية جدا سيئة، وكل يوم أو كل أسبوع تقريبا تحدث مشكلة بيني وبينها، ودائما تطلب الطلاق مني في كل مشكلة، وتستحلفني بالله أن أطلقها.
لا أعرف كيف أتعامل معها في مطلبها، فعندي 3 بنات وابنان؟
أعيش في أزمة نفسية، لا أطيق هذه الحياة بسبب كثرة المشاكل التي لا تنتهي على كل ثغرة، أو شيء تافه بيننا، علما بأن ابني وبنتي البكر تجاوز عمرهما 12 عاما.
ما رأي الدين الإسلامي في ذلك؟
وما هي النصيحة الشرعية في حل هذه المشاكل؟
والحمد لله أنا ملتزم بالصلاة في المسجد، والزكاة والصوم والصدقة، ونصلي جميعا في البيت جماعة، ونقرأ القرآن. بيتنا بيت إسلامي: لا أغاني ولا دخان، ولا أرجيلة. وأبنائي يحفظون القرآن والحمد لله.
ما هو الحل؟ ورأي الشريعة الإسلامية في ذلك؟
انصحوني، وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما ذكرته في ختام سؤالك من كون أسرتكم قائمة على الطاعة، ومراعاة الشرع، وهذا أمر طيب، ينبغي أن ينعكس على الحياة الزوجية؛ فإن من ثمرات الطاعة تهذيب السلوك.
فليكن بينكما حسن التعامل، ومعرفة كل منكما ما عليه للآخر، فيؤدي إليه حقوقه، ويحسن عشرته، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}، ولمزيد الفائدة، نرجو مطالعة الفتوى: 27662، ففيها بيان الحقوق بين الزوجين.
وحدوث المشاكل في الحياة الزوجية أمر طبيعي، والشأن كل الشأن في أن يتحرى الزوجان الحكمة عند ورودها، ويكون منهما التروي والحوار والتفاهم، والسعي في حلها في إطار احترام كل منهما للآخر، والحرص على كل ما يكون سببا لاستقرار الأسرة، مع الحذر من اللجوء للطلاق قدر الإمكان، فليس الطلاق هو الحل دائما، بل قد تكون له آثاره الوخيمة غالبا.
ومن المقرر شرعا أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا لمسوغ شرعي، وسبق بيان مسوغات طلب الطلاق في الفتوى: 37112.
ومجرد حدوث المشاكل لا يسوغ لزوجتك طلب الطلاق، وإذا خرجت من البيت بغير إذنك؛ فإنها عاصية وناشز.
فنوصيك بالاستعانة بالله عز وجل ودعائه، والعمل على إصلاح زوجتك ومناصحتها بالحسنى، واطلب تدخل العقلاء من أهلك وأهلها إن اقتضى الأمر ذلك.
فإن تم الإصلاح، واستقام حال زوجتك، فالحمد لله، وإلا فأنت في سعة أن تعذب بها نفسك، فانظر في أمر الطلاق، فإذا استحالت العشرة، وترجحت مصلحة الطلاق، فالأفضل المصير إليه.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وننبه إلى أنه ليس من الحكمة أن تكون المشاكل بين الزوجين على مرأى ومسمع من الأولاد، فإن في هذا جناية عظيمة عليهم. وقد يؤثر في نفسياتهم، وينعكس بآثار سلبية على حياتهم، فلينتبه الأزواج لذلك.
والله أعلم.