0 34

السؤال

بداية، الحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، وأرجو من الله أن يثبتنا على هذا الدين.
أنا شاب خطبت فتاة، وللأسف فأنا بعيد عنها، وقد عقد قراني عليها، ولكن لم أدخل بها بعد، وللأسف فقد حدثت ردة: شك بسبب الوسواس الذي دفعني لأشك، حقيقة لم يعد وسواس، قاومت طويلا ثم استسلمت.
فهل لي الأخذ بهذا الرأي، بسبب أنه شق علي جدا تجديد العقد، فقد لا يقبل الأهل، وخشيت ترتب مفسدة من ذلك: رأي شيخ الإسلام، بعدم الحاجة لعقد جديد مع التوبة، ونبقى على نكاحنا؟
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- مبينا قوة ما ذهب إليه شيخ الإسلام: بل إن شيخ الإسلام لا يفرق بين ما قبل الدخول وبعده؛ لأن الأصل بقاء النكاح، ما دام أنه معقود على وجه صحيح، وسبب الصحة باق، ولم يحفظ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فرق بين الرجل وامرأته إذا سبقها بالإسلام، أو سبقته به.
وقال أيضا: لدينا دليل على ثبوت ذلك، فهذا أبو العاص بن الربيع ـ رضي الله عنه- زوج زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، أسلم متأخرا عن إسلامها؛ لأنها أسلمت في أول البعثة، وما أسلم هو إلا بعد الحديبية، حين أنزل الله تعالى: فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن. الممتحنة. وإسلامها نحو ثماني عشرة سنة، وردها النبي صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول، ولم يجدد نكاحا. وهذا دليل واضح جدا.
وكذلك صفوان بن أمية ـ رضي الله عنه ـ أسلمت زوجته قبل أن يسلم بشهر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإننا أولا نسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على الحق، وأن يرزقنا حسن الختام، ويجنبنا الشيطان ومكايده ووساوسه.

ونوصيك بكثرة الدعاء، وسؤال الله تعالى العافية، والعمل بكل ما يعين على الثبات على الحق من العلم النافع والعمل الصالح، وصحبة أهل الخير وتخير البيئة الصالحة. وسبق الكلام فيما يتعلق بالوساوس الكفرية والواجب تجاهها، فيمكن مطالعة الفتوى: 123135.

والواجب المبادرة للتوبة النصوح، والحذر من كل ما يوجب الردة في المستقبل. وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 3086.

  والمرجح عندنا وما نفتي به في هذه المسألة المسؤول عنها، هو قول الجمهور أن الردة قبل الدخول ينفسخ بها النكاح فورا، وأنه لا سبيل للزوج إلى زوجته إن تاب وعاد للإسلام، خلافا لاختيار ابن تيمية الذي أشرت إليه بسؤالك.

وقد رجح بعض العلماء جواز الأخذ بالرخصة عند الحاجة دفعا للحرج.

وممن نص على ذلك السبكي في الإبهاج شرح المنهاج، حيث قال: وأما نحن فإنه يجوز التقليد للجاهل، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال: الاختلاف رحمة، إذ الرخص رحمة. اهـ.

فعلى هذا القول، فإن كنت ترى أنك في حرج، فلا بأس بالأخذ برأي ابن تيمية دفعا للحرج والمشقة.

 هذا إذا كان ما حدث ردة حقيقة، وليس مجرد وسوسة؛ فإن الموسوس قد يخيل إليه أنه وقع في الردة، وفي حقيقة الأمر أنه باق على الإسلام ولم يحصل منه ما يوجب ردته.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات