السؤال
أنا امرأة متزوجة، وعندي ثلاثة أطفال. ملتزمة باللباس الشرعي، ورغم ذلك عند خروجي للعمل -فأنا معلمة أطفال- أو الخروج في أي شأن، ولا يكون إلا برفقة زوجي، فإنه يحاصرني محاصرة لصيقة، ويدعي أني أنظر إلى الرجال، أو السيارات.
تعبت نفسيتي، وأصابني الشك في نفسي، وأصبحت أتحاشى الخروج كليا، أحس بأنه يتتبع عوراتي، ويلصق بي تهما باطلة لا ترضي الله، مع العلم أني لا أخرج إلى أي مكان، وليس لي علاقات حتى بالأقرباء.
وعند عودتي من العمل يسألني أسئلة غريبة: هل أتى رجال؟ هل أتى من يريد خطبتك؟ مع أني متزوجة منذ 15 عاما، وابنتي ما شاء الله صبية، مع العلم أنه يدرس في الثانوية، ويعطي دروسا خصوصية مختلطة، وتكلمه تلميذات وأولياؤهن في الهاتف.
تعبت نفسيتي كثيرا ولم أعد أستطيع التحمل، كما أنه غير محافظ على صلاته، ويجد دائما الأعذار لذلك، كما أنه يقوم بتعنيفي ماديا ولفظيا، وسب الجلالة إذا غضبت من تصرفاته وشكه غير المبرر.
أرجو نصيحتي، ولكم مني كل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت ما ذكرت عن زوجك، فإنه على خطر عظيم، خاصة فيما أسميته:( سب الجلالة ).
فإن قصدت بذلك أنه يسب الله -عز وجل- فهذا كفر بإجماع العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول: إن سب الله أو سب رسوله؛ كفر ظاهرا وباطنا. سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده.
هذا مذهب الفقهاء، وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل... انتهى.
والردة لها أثرها على الزوجية، إذ يترتب عليها فسخ عقد الزواج، وعدم جواز تمكين المرأة زوجها من نفسها، إلا أن يتوب قبل انقضاء العدة، فترجع إليه بالعقد الأول.
قال النووي في المجموع، وهو يتكلم عن الحكم فيما إذا ارتد أحد الزوجين: وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء عدة الزوجة، فإن رجعا إلى الاسلام قبل انقضائها فهما على النكاح، وان انقضت قبل إسلامهما بانت منه بالردة، وبه قال مالك، وأحمد رضي الله عنهما.... انتهى.
والتفريط في الصلاة وعدم المحافظة عليها في وقتها أمر عظيم، ومن أسباب سخط الله وعقابه.
ثبت في مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا، ونجاة يوم القيامة. ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي ابن خلف.
وقد يكون هذان الأمران سببا لبقية التصرفات السيئة، وتسلط الشيطان عليه بهذه الوساوس والشكوك. والتي يترتب عليها التعامل السيئ مع الزوجة، والأصل سلامتها من أن يساء بها الظن. وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}.
والشرع الحكيم قد أمر الزوج بأن يحسن عشرة زوجته، كما قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}. وروى ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.
وتصرفات زوجك معك يتنافى مع ذلك كله. حتى ولو كان سببها الغيرة، فإن من الغيرة ما هو مذموم. وانظري الفتوى:118777
ونوصيك بالعمل على مناصحته بالحسنى، أو أن تسلطي عليه من ينصحه من أهل الفضل والصلاح ومن له وجاهة عنده.
وأكثري من الدعاء له بالتوبة والهداية، فلعل دعوة صالحة منك تكون سببا لصلاحه، فيصلح الحال ويزول الإشكال.
والله أعلم.