هل للولد أن يكذب على والده إذا سأله عن سلوك أخيه؟

0 12

السؤال

أعيش أنا وأخي، مع جدي وجدتي، وأمي، وأحيانا يسألني أبي عن أخي، فأبي لا يعيش معنا، فيسألني: هل يذهب أخوك إلى العمل؟ كيف يعامل أمه وجده وجدته؟ هل يذاكر؟ ماذا يفعل في يومه؟ وأخي يحذرني أن أذكر لأبي أي شيء عنه، حيث إنه يكره ذلك، ويستثقل النصح منه، والكلام معه في التفاصيل، وأحيانا أجد النصح ثقيلا وكثيرا، بحيث يكرهه أخي، بل ويكره التحدث مع أبي أصلا، فلا أدري ما أقول لأبي عند سؤاله، فأخشى أن تكون هذه غيبة، وأخشى أن أكون فضحت أخي في معصية ما، وقد تكون معصية كبيرة، فيستنكر الناس: كيف لم تبلغ والدك بهذا؟ وفي نفس الوقت أخشى غضب أبي؛ حيث إنه ينتظر مني إجابة واضحة وصريحة، ولا أعلم هل كذبي أم صدقي مع أبي يصلح الأمور.
إن صدقت فقد يعلم أخي -وقد حدث ذلك-، ويرجع إلي فيقول: لماذا تتحدث عني؟ لم لم تقل له: إنني بخير، أو إنك لا تعلم؟ وهل أكون بذلك أفسدت بين أبي وأخي؟ وهل أخبره الحقيقة؟
وإن كذبت فلا أعلم إن كان هذا سيفسد أخي بعدم النصح من أبي، أم إنه إذا حدثت مصيبة -لا قدر الله- فسيرجع إلي أبي، ويقول لي: لماذا تكذب علي؟ ولا أعلم مدى جدوى النصح من أبي، فلها تأثيرات إيجابية وسلبية أيضا.
أحيانا يطلب مني أن أشكوه لأبيه، وأبلغه أنه فعل كذا وكذا عندما يحدث منه شيء مع أحد بعينه -كسب أو ما شابه ذلك-، فأنا حلقة الوصل بين بيت أبي وبيت أمي، أحيانا يشتكونه لأبي، لكنهم يطلبون مني ذلك كثيرا أيضا، فهل أفعل أم لا؟ أفتوني ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن الوالد ناصح ومرب، ولا حرج عليه في أن يسأل عن سلوك ابنه؛ حتى يصحح ما اعوج من سلوكه بالترغيب أو الترهيب.

فإذا سألك أبوك عن حال أخيك، فاصدقه، ولا تكذب عليه، ولا يكون هذا من باب الغيبة المحرمة؛ لأن ذكر مساوئ الشخص تجوز في بعض الحالات التي تتحقق فيها مصلحة، كتغيير منكر. وقد بينا هذا في عدة فتاوى سابقة، كالفتوى: 313270.

كما أن الستر على العاصي ليس محمودا في كل الأحوال، بل قد يكون مذموما في بعض الأحوال، كمن ستر عليه في أخذه حقوق الناس، وظلمه لهم، قال أبو محمد ابن حزم في المحلى: ولم يقل أحد من أهل الإسلام بإباحة الستر على مسلم في ظلم ظلم به مسلما، كمن أخذ مال مسلم بحرابة واطلع عليه إنسان، أو غصبه امرأته، أو سرق حرا، وما أشبهه، فهذا فرض على كل مسلم أن يقوم به؛ حتى يرد الظلامات إلى أهلها. انتهى.

كما أن المجاهر بالمعصية الذي لا يردعه إلا رفع أمره للحاكم وعقوبته بالعقوبة اللائقة بمثله، المشروع رفع أمره، وعدم ستره، كما مر ذكره؛ تحقيقا للمصلحة العامة، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فالستر قد يكون مأمورا به محمودا، وقد يكون حراما. فإذا رأينا شخصا على معصية، وهو رجل شرير منهمك في المعاصي، لا يزيده الستر إلا طغيانا، فإننا لا نستره، بل نبلغ عنه؛ حتى يردع ردعا يحصل به المقصود. انتهى.

فإذا تحقق هذا الزجر لأخيك العاصي بإخبار والدك؛ فأخبره، ولا ينبغي لك أن تساير أخاك بأن تخبره أنك ستستر عليه فيما يفعله من منكر؛ لأن هذا مما يشجعه على فعله، بل خوفه بأنك ستخبر أباك إن لم يكف عن منكره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة