السؤال
ما حكم الإبلاغ عن حسابات على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر صورا ومقاطع إباحية؟
مع العلم أني أضطر لرؤية بعض هذه الصور أثناء تقديم البلاغ دون قصد، لكني أشمئز منها، ولا تثير شهوتي، كما أني قد بدأت في إرسال هذه البلاغات بعدما علمت تفشي هذه المواقع بين أفراد من عائلتي وأصدقائي، كما أني لا أقضي كثيرا من الوقت في هذه البلاغات -من 10-20 دقيقة كل يومين-. أرجو الإفادة، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الإبلاغ عن الحسابات التي تنشر الصور والمقاطع الإباحية من إنكار المنكر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. أخرجه مسلم.
قال النووي: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ... ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه، بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به الا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، كمن يرى زوجته، أو ولده، أو غلامه على منكر، أو تقصير في المعروف. اهـ. من شرح صحيح مسلم.
وأما ما يستلزمه الإنكار والإبلاغ عن تلك الحسابات من نظر أحيانا دون قصد إلى بعض الصور المحرمة: فلا حرج فيه، ولا يمنع الإنكار، -مع وجوب المبادرة بغض البصر-.
ومما يدل على ذلك حديث علي -رضي الله عنه-، قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها. فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها ... الحديث. متفق عليه. وقد ترجم عليه الإمام البخاري: باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن. اهـ.
قال الخطابي: في الحديث من الفقه أيضا: جواز النظر إلى ما ينكشف من النساء لإقامة حد، أو إقامة شهادة في إثبات حق إلى ما أشبه ذلك من الأمور. اهـ. من معالم السنن.
قال ابن عقيل: لو أرسل الحاكم إلى أهل الزمر من يستمع لهم، ويستلهم خبرهم، أبيح له أن يستمع لضرورة الاستعلام، وكالنظر إلى الأجنبيات للحاجة. اهـ. من الآداب الشرعية.
هذا من حيث العموم، لكن ينبغي أن يحترس الشخص، ويحذر من مكايد الشطيان، وكمائن النفس، فقد يلج المرء هذا الباب بحجة إنكار المنكر في الظاهر، ويكون قصده في الحقيقة التلذذ بالنظر إلى الصور المحرمة، وتقديم الشخص سلامة نفسه من الفتنة أوجب، لا سيما إن آنس من نفسه الضعف، وخشي أن تؤثر فيه تلك الصور، فينزلق في حمأة النظر المحرم.
وانظر الفتوى: 130570.
والله أعلم.