السؤال
كنت أتحدث مع الوالدة عن طريق الهاتف المحمول، وحصل خلاف بيني وبينها. وكانت تجلس بجانبها زوجتي، ثم بعد ذلك أغلقت المكالمة وأنا غضبان.
ثم بعد ذلك ذهبت للوالد وقلت له: حصل خلاف بيني وبين أمي وزوجتي، وحكيت له ما حدث. ثم قلت له كذبا أني قلت لهما: علي الطلاق لن أتصل عليكما مرة أخرى، إلا إذا اتصلتما علي. وأنا في الأصل لم أحلف ... وبالفعل لم أتصل، وكنت أتكلم بشكل جدي.
أريد أن أعرف أقوال العلماء في هذه المسألة.
شكرا، بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال إنه حلف بالطلاق، ولم يكن حلف؛ فالراجح عندنا؛ أنه لا يصير حالفا بهذا القول؛ ولا يحنث بفعل ما زعم أنه حلف عليه.
جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: فإن قال: حلفت بالطلاق. أو قال: علي يمين بالطلاق. ولم يكن حلف. لم يلزمه شيء فيما بينه وبين الله تعالى، ولزمه ما أقر به في الحكم. ذكره القاضي، وأبو الخطاب.
وقال أحمد، في رواية محمد بن الحكم، في الرجل يقول: حلفت بالطلاق. ولم يكن حلف: هي كذبة، ليس عليه يمين. وذلك لأن قوله له: حلفت. ليس بحلف، وإنما هو خبر عن الحلف، فإذا كان كاذبا فيه، لم يصر حالفا، كما لو قال: حلفت بالله. وكان كاذبا.
واختار أبو بكر أنه يلزمه ما أقر به في الحكم. وحكى في زاد المسافر عن الميموني، عن أحمد، أنه قال: إذا قال: حلفت بالطلاق. ولم يكن حلف، يلزمه الطلاق، ويرجع إلى نيته في الطلاق الثلاث أو الواحد.
وقال القاضي: معنى قول أحمد: يلزمه الطلاق. أي في الحكم، ويحتمل أنه أراد يلزمه الطلاق إذا نوى به الطلاق، فجعله كناية عنه؛ ولذلك قال: يرجع إلى نيته. أما الذي قصد الكذب، فلا نية له في الطلاق، فلا يقع به شيء؛ لأنه ليس بصريح في الطلاق، ولا نوى به الطلاق، فلم يقع به طلاق كسائر الكنايات. وذكر القاضي، في كتاب الأيمان، في من قال: حلفت بالطلاق. ولم يكن حلف، فهل يقع به الطلاق؟ على روايتين. انتهى.
وعليه؛ فلو أنك اتصلت بأهلك قبل أن يتصلوا بك؛ لم يقع طلاقك؛ فأحرى إذا كنت لم تتصل بهم ابتداء، لكن إذا كنت تعمدت الكذب؛ فعليك التوبة إلى الله من الكذب.
وننبهك إلى أن حق الأم على ولدها عظيم، ومهما أساءت إلى ولدها أو ظلمته؛ فلا يجوز له هجرها أو الإساءة إليها، والواجب على الولد مخاطبة الأم بالأدب والرفق والتواضع والتوقير.
والله أعلم.