حكم إمساك الزوجة إذا زنت وتابت والستر عليها

0 36

السؤال

أنا متزوج منذ 15 سنة، وزوجتي ملتزمة دينيا، ولدي ثلاثة أطفال. بدأت زوجتي تتغير مع ولادة الطفل الثالث، وحدثت مشاكل كثيرة نتيجة انفعالها على تفاهات.
منذ سنة بدأت تطلب الطلاق، وتدخل الأهل من طرفها وطرفي لتوضيح أنه لا يوجد ما يستدعي، فقاطعت هي كل من تدخل من أهلها.
وذهبنا لطبيب نفسي، وأخبرني أن زوجتي مصابة باضطراب الشخصية الحدية. وفي نفس الوقت لاحظت تغيرا فيها. أدركت بحاسة الرجال وجود شخص في حياتها حتى جاءت لي رسالة أنها تخونني. فواجهتها؛ فأخبرتني عن شخص دخل حياتنا منذ شهرين لأداء عمل للأسرة، ولكنه تواصل معها هاتفيا حتى أقنعها بالذهاب عنده مرة واحدة، وزنى معها، وقام بتصويرها وابتزازها حتى نفدت أموالها الخاصة. فأخبرها أنه سيبدأ في ابتزاز زوجها، ولكني هددته؛ فاختفى. وهي الآن في ذهول أنها عملت الزنى وهي الحافظة لكتاب الله، وقبلت قدمي حتى أستر عليها، وأقسمت على التوبة، وأنها أول مرة في حياتها.
وقد قمت بسؤال 5 أطباء نفسيين مسلمين، فأخبروني أنها تعتبر مريضة نفسيا وليست زوجة خائنة. وأن مريض الشخصية الحدية يتميز بالاندفاع والانفصال عن الواقع أحيانا. والدليل هواتف لمدة شهرين انتهت بالزنى، وهو شيء يرفض العقل السليم تصديقه؛ لسرعة الموضوع.
لقد قررت الستر عليها حتى لا أهدم الأسرة، ولم أشهد لها بغلطة طول 15 سنة، لكن لدي 3 أسئلة:
1- هل يعتبر هذا الوضع ابتلاء لي، أؤجر عليه لو صبرت؟
2- هل الستر عليها واجب، أم يعتبر دياثة؟
3- كيف أتعايش معها، وأنا أتخيل هذا الوضع؟
4- لقد كنت أدعو الله يوميا لحفظ زوجتي وأولادي، وحدث ما حدث. ما هي حكمة الله في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا ريب في كونك في بلاء، إن صبرت عليه لله؛ فلك عظيم الأجر وجزيل الثواب، قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. [الزمر: 10].

وراجع الفتوى: 117444
وإذا ظهر لك أن زوجتك تائبة توبة صادقة مما وقعت فيه من الفاحشة؛ فاستر عليها، وليس في سترك عليها وإمساكها بعد توبتها؛ شيء من الدياثة -والعياذ بالله- فالستر على المسلم التائب مطلوب شرعا.

قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة. وواجب ذلك عليه أيضا في غيره. انتهى.
ومما يعينك على الصبر، ومعاشرة زوجتك بالمعروف بعد توبتها؛ أن تعرض عن التفكر فيما وقعت فيه. وأن تعلم أن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واعلم أن لله الحكمة البالغة في كل أقداره، وليس في مقدور العبد أن يعلم حكمة الله في كل أمر؛ ولكن عليه أن يوقن بعلم الله وحكمته ورحمته، ويسلم لأمره ويرضى بقضائه.
واعلم أن العبد إذا دعا بشيء ولم يتحقق؛ لم يدل هذا على عدم استجابة دعائه، فاستجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق المطلوب.

ففي مسند أحمد عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر.

ثم ننبهك إلى أن الدعاء سبب من أنفع الأسباب؛ لكنه لا يغني عن الأخذ بالأسباب الأخرى المطلوبة؛ فلا يكفي أن يدعو العبد ربه أن يحفظ له أهله. ولكن عليه أن يقوم بما أوجب الله عليه من القوامة، وأن يجنبهم أسباب الفساد، ويسد عليهم أبواب الفتن، فلا يعرض زوجته للخلوة، أو الاختلاط المريب بالأجانب، وراجع الفتوى: 210952

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة