تعليق الطلاق على فعل المستحيل

0 23

السؤال

رجل يعاني من مرض نفسي، حلف على زوجته بالطلاق أن تفعل كذا، وهذا الأمر الذي أراده كان مستحيلا، أو من الصعب تنفيذه، فلم تفعله الزوجة؛ لصعوبته، فهل تعد هذه طلقة؟ مع العلم أن الزوج عندما سئل قال: إنه لم ينو طلاقا ولم يقصده، وأنه كان حاضر الذهن، مدركا لكل ما يقول.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلم تذكر لنا وجه كون هذا الشيء المحلوف عليه مستحيلا أو صعبا، وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في حكم تعليق الطلاق على مستحيل، جاء في المغني لابن قدامة: فإن علق الطلاق على مستحيل، فقال: أنت طالق إن قتلت الميت، أو شربت الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه، أو جمعت بين الضدين، أو كان الواحد أكثر من اثنين، أو على ما يستحيل عادة، كقوله: إن طرت أو صعدت إلى السماء، أو قلبت الحجر ذهبا، أو شربت هذا النهر كله، أو حملت الجبل، أو شاء الميت، ففيه وجهان:

أحدهما: يقع الطلاق في الحال؛ لأنه أردف الطلاق بما يرفع جملته، ويمنع وقوعه في الحال. وفي الثاني: فلم يصح، كاستثناء الكل، كما لو قال: أنت طالق طلقة لا تقع عليك، أو لا تنقص عدد طلاقك.

والثاني: لا يقع؛ لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد، ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال، كقوله:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب.

أي: لا آتيهم.

وقيل: إن علقه على ما يستحيل عقلا، وقع في الحال؛ لأنه لا وجود له، فلم تعلق به الصفة، وبقي مجرد الطلاق، فوقع.

وإن علقه على مستحيل عادة -كالطيران، وصعود السماء- لم يقع؛ لأنه له وجود، وقد وجد جنس ذلك في معجزات الأنبياء -عليهم السلام-، وكرامات الأولياء، فجاز تعليق الطلاق به، ولم يقع قبل وجوده. اهـ.

وهذا كله فيما إذا كان الطلاق معلقا على مستحيل.

وأما إن كان معلقا على شرط ممكن الحدوث؛ فحكمه أنه يقع بحصول الشرط في قول جمهور الفقهاء، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ حيث ذهب إلى أنه إذا قصد الزوج بالتعليق وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فإنه يقع. وأما إن قصد الحث، أو المنع، فإنه لا يقع، وعليه كفارة يمين، وقد ذكرنا هذا في الفتوى: 3795.

 وننصح بمراجعة الجهة المختصة بالنظر في الأحوال الشخصية، أو الجهات المعتبرة في الفتوى -كدار الإفتاء-، أو مشافهة بعض العلماء الموثوقين؛ ليتبينوا حقيقة اللفظ الذي صدر، والاستفصال فيه.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة