السؤال
علماءنا الأجلاء: نفع الله بكم، وجزاكم الله عنا خيرا، وسؤالي كالتالي:
تزوجت زوجتي، وبعد زواجنا اتضح لي إنها تتناول القات، وعندنا في اليمن تناول القات من الرجال والنساء دارج، ولكني لا أتناوله، وحلفت عليها إذا تناولته بأنها طالق، وكما هو واضح نيتي منعها من تناوله فتركته.
وبعدها بسنتين حصل اختلاف بيني وبينها على أخذها الهاتف الأرضي إلى غرفة النوم، والتحدث كثيرا مع أهلها، وصديقاتها، ومنعتها من إدخاله غرفة نومها، وحلفت عليها بالطلاق إذا أدخلته غرفتها. ثم أبلغتني أنها أدخلته إلى غرفتها ناسية غير متعمدة.
وبعد فترة طويلة، وحيث إني مغترب بعيدا عنها أغواني الشيطان، وكنت أمارس العادة السرية، فحلفت يمينا أن أتركها، وأني إذا عدت لها، فزوجتي طالق. وللأسف بعد فترة ضعفت، وعدت لها. وقد من الله علي، وتبت منها لاحقا.
نحن متزوجون منذ عشرين عاما، ولدينا أربعة أبناء؛ أكبرهم تسعة عشر، وأصغرهم ثلاث سنوات، واكتشفت هذه الأيام أن زوجتي كانت تتناول القات بين فترة وأخرى مع صديقاتها عند زيارتهن لها.
أرجو الرد، هل تحسب علي ثلاث طلقات؟ وهل إذا كانت ناسية تقع طلقة؟ ويمين الطلاق لمنعي نفسي هل يقع؟ أم تجزئ الكفارة، كما قال ابن تيمية -رحمه الله-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وهذا هو المفتى به عندنا، خلاف لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- الذي يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.
وأما فعل زوجتك ما علقت عليه طلاقها ناسية؛ فالراجح عندنا عدم وقوع الطلاق به.
قال في غاية البيان شرح زبد ابن رسلان: ولو علق بفعل نفسه؛ كإن دخلت الدار ففعل المعلق به ناسيا, أو جاهلا أنه هو, أو مكرها لم تطلق, أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه لصداقة أو نحوها, وعلم به, أو لم يعلم, وقصد إعلامه به, وفعله ناسيا أو مكرها أو جاهلا لا يقع الطلاق. انتهى. وراجع الفتوى: 195387.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا وقوع طلقتين فقط، وأما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فلم يقع شيء من الطلاق بالأيمان التي ذكرت في سؤالك.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، كما أن استعمال الأيمان لحمل النفس على الإقلاع عن المعاصي مسلك غير سديد، و المسلك السديد هو الاستعانة بالله -عز وجل- والتوبة النصوح، وراجع الفتوى: 151459
والله أعلم.