السؤال
حلف بالطلاق أن لا يمد يده على زوجته؛ حتى لا يعيدها، وحصل خلاف البارحة، ونكشني على رأسي بطريقة قاسية، فهل يعد طلاقا؟ فالضرب بابه واسع، وكنت حائضا. ومنذ ثلاث سنوات اختلفنا جدا، وكان غاضبا، وكنت حائضا، فقال: "أنت طالق"، فهل أنا مطلقة مرتين، أم ماذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا؛ أن طلاق الحائض نافذ رغم بدعيته، وهذا قول أكثر أهل العلم، وراجعي الفتوى: 5584.
وعليه؛ فإن كان زوجك تلفظ بصريح طلاقك مدركا مختارا لما يقول؛ فقد وقعت تلك الطلقة، وإن كانت في زمن الحيض.
وأما حلفه بالطلاق على ترك الضرب؛ وفعله بعد ذلك ما آلمك؛ فالراجح عندنا؛ حصول الحنث بذلك، ووقوع الطلاق، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: فإن حلف لا يضرب امرأته، فلطمها، أو لكمها، أو ضربها بعصا، أو غيرها، حنث، بغير خلاف.
وإن عضها، أو خنقها، أو جز شعرها جزا يؤلمها، قاصدا للإضرار بها، حنث، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: لا يحنث؛ لأن ذلك لا يسمى ضربا، فلا يحنث به، كما لو شتمها شتما آلمها. وقد نقل عن أحمد ما يدل على هذا؛ فإن مهنا نقل عنه فيمن قال لامرأته: إن لم أضربك اليوم، فأنت طالق، فعضها، أو قرصها، أو أمسك شعرها، فهو على ما نوى من ذلك، قال القاضي: فظاهر هذا أنه لم يدخله في إطلاق اسم الضرب، ولنا، أن هذا في العرف يستعمل لكف الأذى المؤلم للجسم؛ فيدخل فيه كل ما اختلفنا فيه؛ ولهذا يقال: تضاربا، إذا فعل كل واحد منهما هذا بصاحبه، وإن لم يكن معهما آلة، وفارق الشتم؛ فإنه لا يؤلم الجسم، وإنما يؤلم القلب. انتهى.
وعليه؛ فقد وقعت عليك طلقتان، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى عدم وقوع الطلاق في الحيض، ويرى أن الحالف بالطلاق للتأكيد، أو المنع، ونحو ذلك، لا لقصد الطلاق؛ لا يقع طلاقه بحنثه، ولكن تلزمه كفارة يمين، وراجعي الفتوى: 11592.
والله أعلم.