السؤال
ما حكم من دفع مالا لشاهد ليدلي بشهادته في الحق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز أخذ أجرة على أداء الشهادة إذا تعينت عند الجماهير، وحكى بعض أهل العلم الإجماع على ذلك، أما تبعات الشهادة من أجرة تنقل ومركب فأكثر أهل العلم على أن للشاهد أخذ أجرة على ذلك، وهاك بعض كلام أهل العلم الدال على ذلك:
قال الشلبي الحنفي في حاشيته على تبيين الحقائق: يجوز أخذ الأجرة على الكتابة دون الشهادة فيمن تعينت عليه بإجماع الفقهاء، وكذا من لم يتعين عندنا.
وقال الهيتمي في التحفة: وله طلب أجرة للكتابة وحبس الصك وأخذ أجرة للتحمل وإن تعين عليه إن كان عليه كلفة مشي ونحوه لا للإداء إلا إن كان متذكرا له على وجه لا يرد أي: لتقصير في تحمله لا لعقيدة القاضي -مثلا- فيما يظهر وقد دعي له من مسافة العدوى فما فوق فيأخذ أجرة مركوبه وإن مشى ونفقة طريقه، وكذا من دونها، وله كسب عطل عنه فيأخذ قدره، نعم له أن يقول لا أذهب معك إلى فوق مسافة العدوى إلا بكذا وإن كثر.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الخامس عشر: يجوز أخذ الأجرة على الرواية بخلاف الشهادة إلا إذا احتاج إلى مركوب.
وقال الخرشي المالكي في شرحه لمختصر خليل: (ص) وإن انتفع فجرح إلا ركوبه لعسر مشيه وعدم دابته، (ش) يعني أن الشاهد إذا كان على مسافة بريدين فما دون ذلك وتعين عليه الأداء، فإنه إذا انتفع بشيء من المشهود له على أداء شهادته يكون ذلك رشوة قادحة في عدالته، لأنه أخذ أجرا على أداء واجب عليه فهو بمنزلة من أخذ أجرا على الصلاة، وهو لا يجوز، أما إن لم يمتنع ودفع له المشهود له شيئا من غير طلب، أو لم تكن له دابة وتعسر عليه المشي إلى محل أداء الشهادة فليس بجرح، ويجوز له في الثانية أن ينتفع من المشهود له بدابة يركبها إلى محل أداء الشهادة، لأنه حينئذ قد سقط عنه أداؤها، ولا يكون ذلك قادحا في شهادته.
وقال البهوتي الحنبلي في مطالب أولي النهى: (ويحرم أخذ أجرة) على شهادة (وأخذ جعل عليها، ولو لم تتعين عليه) لأنه فرض كفاية، ومن قام به فقد قام بفرض، ولا يجوز أخذ الأجرة، ولا الجعل عليه كصلاة الجنازة، (لكن إن عجز) الشاهد عن المشي إلى محلها (أو تأذى به)، أي: المشي (فله أخذ أجرة مركوب) من رب الشهادة.
والله أعلم.