السؤال
توفي عمي منذ أيام، وهو الذي قام بتربيتي منذ صغري؛ لأنه لم يرزق بأولاد، فنشأت وتربيت عنده، وقد قام قبل وفاته بالتنازل رسميا عن أغلب أملاكه لي، ولم تبق إلا سيارته، وهاتفه، ومبلغ متواضع من المال، وقطعة أرض.
وسبب عدم تنازله عن هذه الأشياء أنه كان ينوي بيع قطعة الأرض؛ ليساعدني بثمنها في بناء منزلي، ولأنه لم يكن يعلم أنه مصاب بالسرطان، فقد أخفينا عنه المرض؛ رأفة به، ومن ثم؛ فإنه كان يعتقد أنه سوف يعود لسيارته، وسالف نشاطه؛ لذلك لم يكتب هذه الأشياء باسمي، كما أنه كان كثيرا ما يردد لي -ولأمي خصوصا- أن كل ما يملكه هو من نصيبي، فهل يجوز لي أن أتملك المبلغ المالي، والهاتف، والسيارة، وقطعة الأرض أم لا؟ فهو -كما أسلفت لكم- كان يقول: إن كل ما يملكه لي، علما أن زوجة عمي التي هي بمنزلة أمي لا إشكال عندها في هذا. بارك الله في جهودكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس لك أن تأخذ المبلغ المالي، ولا الهاتف، ولا السيارة، ولا قطعة الارض، ولو كان ينوي في حياته أن يعطيها لك، بل تقسم تلك الأشياء بين ورثته القسمة الشرعية للميراث.
ولا عبرة بقوله: إن كل ما يملكه هو لك، ما دام أنك لم تستلم تلك الأشياء في حياته، ولم يهبها لك في حال صحته.
ولا يقبل قولك: إنه أوصى بأن تكون لك بعد مماته، إلا ببينة شرعية، وقد ذكرنا في الفتوى: 361288 ما هي البينة الشرعية التي تثبت بها دعواك.
ولا تصح شهادة أمك لك بأن عمك أوصى لك؛ لأن القرابة من موانع الشهادة، قال صاحب الروض المربع في موانع الشهادة: لا تقبل شهادة عمودي النسب، وهم الآباء وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا، بعضهم لبعض؛ كشهادة الأب لابنه، وعكسه؛ للتهمة بقوة القرابة... اهـ.
ولو فرض أنك أقمت تلك البينة الشرعية على وصية عمك لك؛ فإن الوصية لا تكون لوارث بشيء، ولا لغير وارث بما يزيد على ثلث التركة:
فإن كنت من جملة ورثة عمك؛ فإنه لا تصح الوصية لك أصلا.
وإن لم تكن وارثا له؛ فإن الوصية تصح لك في حدود ثلث تركته فقط، وما زاد على ذلك، فلا بد فيه من موافقة الوارث البالغ الرشيد.
وحتى ما تنازل لك عنه من أملاكه قبل وفاته، ينظر فيه، هل تنازل لك عنه، وهو في غير مرض مخوف، أو تنازل لك وهو في مرض مخوف، وفي كلا الحالين هل استلمت ما تنازل لك عنه في حياته، أم لم تستلمه حتى مات؟ وكل هذا له أثر في الحكم.
وانظر الفتوى: 386788، والفتوى: 261619، والفتوى: 377065.
والله أعلم.