الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشروط الشرعية لصحة نفاذ الهبة أو الوصية

السؤال

قام جدي بإحياء أرض بيضاء وزراعتها، وقام والدي، وبعض أعمامي بمعاونته، وأكثر من عمل فيها هو والدي، فقد قام باستخراج صك شرعي لها، ودفع فيها أموالًا طائلة، ثم قام جدي -رحمه الله- بتوزيعها بين أبنائه دون بناته توزيعًا شفويًا بشهود دون الذهاب إلى المحكمة، وأعطى والدي قسمًا منها خارج الصك، وأعطى الباقين داخل الصك، والمزرعة كبيرة، وتنقسم إلى قسمين: قسم داخل الصك، وقسم خارج الصك، ثم توفي والدي قبل وفاة جدي، ولكن أعمامي -هداهم الله- أنكروا كل شيء، وقاموا بتوزيع الإرث بينهم وبين عماتي، وأنكروا حقنا، وكلمناهم، ولكن دون فائدة، فهل التوزيع الذي قام به جدي قبل وفاته صحيح أم غير صحيح؟ وهل لنا حق في ذلك؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مسائل النزاع والخصومات تحل عن طريق القضاء الشرعي، أو التحكيم، وأما الفتوى فلا تكفي في هذا الشأن، لا سيما النزاع في مسائل المواريث، ومن المعلوم أنه لا بد في الحكم بين الخصوم من سماع جميع الأطراف.

وأما بخصوص الحكم الشرعي في توزيع جدك للأرض: فإذا كانت على سبيل التمليك بعد موته، فهي وصية لوارث، فلا تنفذ إلا بإذن باقي الورثة، فإن لم يجزها بقية الورثة فالوصية لا تنفذ، قال ابن هبيرة: واتفقوا على أنه لا وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك الورثة. اهـ.

ودليل هذا: ما أخرجه أحمد، والترمذي عن عمرو بن خارجة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. قال الترمذي: هذ حديث حسن صحيح.

وفي هذه الحال: ليس لأبيك حق في شيء من الأرض؛ لأنه مات قبل جدك، والوصية تبطل بموت الموصى له قبل الموصي، جاء في منار السبيل: وتبطل الوصية بموت الموصى له قبل الموصي" في قول الأكثر، قاله في الشرح؛ لأنها عطية صادفت المعطى ميتًا فلم تصح، إلا إن كانت بقضاء دينه؛ لبقاء اشتغال الذمة حتى يؤدى الدين. اهـ. بتصرف .

وأما إن كان التوزيع من باب التمليك في الحياة فهي هبة، ولا يجوز للأب تخصيص الذكور بالهبة دون الإناث، بل يجب عليه العدل بين أبنائه جميعًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. لكن إذا مات قبل ذلك، فإن الهبة تنفذ في قول أكثر أهل العلم، كما سبق في الفتوى رقم: 178187.

مع العلم أنه يشترط لصحة الهبة أن يقبضها الموهوب له، فإن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلو مات الواهب قبل قبض الموهوب له للهبة، فإنها تبطل، كما بيناه في الفتوى: 100430.

ففي هذه الحال: إن كان أبوك قد قبض ما وُهب له من الأرض فلكم الحق فيها، وأما إذا لم يقبض الأرض فإن الهبة له تبطل، ولا يكون لكم حق في شيء من الأرض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني