السؤال
عندي مشكلة في فهم جزئية معينة في قضية العبادة، فأرجو من حضراتكم قراءة سؤالي بشكل كامل؛ حتى يتضح مقصدي.
سؤالي بخصوص استحقاق الله للعبادة: فبحسب فهمي فإن العبادة هي غاية الذل، مع غاية الحب والخضوع، وتنقية القلب من كل شيء إلا المعبود؛ وعلى هذا المعنى، فإن العبادة لا يستحقها إلا الله، فهو النافع الضار، وهو المتصرف في كل الأمور، فلا يتصور عقلا أن يعبد أو يتضرع لغيره...
ولكن من ضمن مقتضيات العبادة أيضا بحسب ما سبق: الطاعة، والانقياد بتنفيذ الأوامر، واجتناب النواهي؛ وهنا يجب أن يكون المطاع لا يأمر إلا بكل حق وخير وعدل، ولا ينهى إلا عن كل باطل وشر وظلم، وهنا الإشكال عندي، فلماذا عند الحديث عن استحقاق الله للعبادة، لا يذكر إلا قدرة الله، وأنه هو النافع الضار، وأنه الخالق المنعم؟ ولماذا لا يذكر أنه لا يأمر إلا بالخير، ولا ينهى إلا عن الشر؟ ولو كان الله لا يأمر بالعدل والإحسان، فهل كان سيستحق العبادة أيضا؟
أرجوكم أريد الجواب؛ لأن الإجابة عن آخر هذا السؤال، ستحدد نظرتي للموضوع بصفة عامة؛ لأن العبادة لو كانت تستحق لصفات القوة والجلال، وما إلى ذلك من حكم وتصرف، بعيدا عن الحق والعدل، فهذا معناه أنه لا قيمة في الأمر، وأن الأمر ما هو إلا إله خلقنا ورزقنا، ويملك نفعنا وضرنا؛ فنعبده لهذا، فأين القيمة؟ أين الغاية العليا؟
والموضوع ما هو إلا تعظيم من له صفات عظيمة -من قوة، وقدرة-، والخير والشر ليس لهما نصيب.
أعلم أن الله هو خالق الخير والشر، ولكن -بحسب فهمي- فهو الذي اختار لنفسه الخير وارتضاه؛ لأنه المناسب لصفاته وأسمائه الحسنى؛ وعلى هذا فهو يرضى عن أهل الخير، ويبغض أهل الشر. يرضى عن من أطاعه؛ لأن من أطاعه فعل الحق، وهو طاعة من يستحق أن يطاع ويعبد، ويغضب على من عصاه وكفر به؛ لأنه فعل الباطل، وظلم ظلما شديدا، فهذا هو فهمي الذي تطمئن إليه نفسي، وبه أحب الله، وأرغب في رضاه، فرضاه هو غاية كل خير وحق ونور.
ولكن عندما أقرأ عن استحقاق الله للعبادة في مختلف أقوال العلماء، لا أجد إلا ما ذكرته من أنه القوي القدير، الخالق النافع الضار ...
أرجو أن أكون قد أوضحت سؤالي، وما لدي من إشكال، آملا أن أجد لديكم ما يشفي صدري.