سكن الابن غير المتزوج بعيدًا عن والديه بسبب تدخلاتهم المستمرة في حياته

0 12

السؤال

عمري 25 سنة، وأعمل، ومستقر، وكنت في السابق مبتعثا، وقضيت 5 سنوات في الخارج.
منذ عودتي خلال السنتين الماضيتين، ومع بدء كورونا، لم أرتح للسكن مع أهلي في البيت؛ بسبب تدخلاتهم المستمرة في أبسط الأشياء، ونشوب مشاكل من شيء، ومن لا شيء، وعلى أتفه الأسباب؛ حتى تعلو الأصوات أحيانا بيني وبين والدي، فما حكم خروجي من المنزل، واستئجار سكن مستقل؟ مع العلم أني لست متزوجا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فيجوز لك أن تترك بيت أهلك، وتسكن في مسكن مستقل، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه؛ لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. انتهى.

لكن عليك بر والديك، والإحسان إليهما.

ولا يجوز لك قطعهما، أو الإساءة إليهما، ولو أساءا إليك؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}، وعقد البخاري -رحمه الله- في كتابه: "الأدب المفرد" بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ، وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

والواجب معاملة الوالدين بالأدب، والرفق، والتوقير، والتواضع لهما، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله، وسكناته، ونظره. انتهى.

واعلم أن بر الوالدين، من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة