فسخ خطبة الفتاة التي تصرّ على إكمال الدراسة في المدارس المختلطة

0 12

السؤال

اقترح والدي علي بنتا عمرها 18 عاما لخطبتها، وقد استخرت الله تعالى في الخطبة والزواج قبل أن أراها، فلما رأيتها بعد ذلك أعجبتني، وأحببتها، فخطبتها، وبعد فترة من الخطبة رأيت رؤيا، ولم أفهمها في ذلك الوقت، فقد رأيت في المنام أن هذه البنت تريد السقوط في حفرة مظلمة، كان يسقط فيها الكثير من التلميذات، لكني كنت ممسكا بيدها لمنعها من السقوط، وقد كانت تبكي بكاء شديدا، وتريد بشدة أن تتبع تلك الطالبات إلى داخل الحفرة المظلمة، لكني بعد جهد جهيد تمكنت من إنقاذها قبل أن تسقط.
بعد مدة كنت قد نسيت تلك الرؤيا، ولم أعد مرتاحا لإتمام دراستها الثانوية؛ نظرا لمخالطتها لبعض البنات اللاتي يدبرن لإفساد الخطبة والزواج، كما أني لست مرتاحا لما يحدث في معاهد بلادنا -من اختلاط، وزنى، واغتصاب، وتحرش، والقصص في ذلك كثيرة-، فطلبت منها ومن أهلها برفق أن تنقطع عن الدراسة، فوافق أهلها، ووافقت هي على مضض، وبعد انتهاء العطلة الصيفية طلبت مني الموافقة على عودتها للدراسة، فرفضت، وشرحت لها الأسباب بكل رفق، لكنها صارت -حسب أهلها- تبكي بكاء شديدا، وتصر على العودة للدراسة، وصارت تهدد أهلها بالانتحار، وما إلى ذلك، وكنت أرفض كلما طلبت العودة للدراسة.
وعندما أصبح الأمر كذلك، تذكرت الرؤيا التي رويتها في البداية، وصار الأمر يتعبني جدا، ويؤرقني، ورأيت مؤخرا أني أجامعها في المنام، ولم يحدث احتلام في الواقع، مما أثار استغرابي، وأنا أدعو الله كثيرا أن يدبر لي الأمر، فأنا أحسن الظن به تعالى، ولعلي أجد في إجابتكم أسبابا أحاول الأخذ بها، فهل أكمل معها، أم أختار الانفصال عنها، أم أتركها تكمل دراستها، مع أني لست مرتاحا لتركها تكمل دراستها، ولا أظن أن العاقبة جيدة؟ وكلما هممت بالانفصال عنها، يحدث أمر يمنعني من ذلك.
شكرا على رحابة صدركم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن فسخ الخطبة -وإن كان جائزا شرعا- إلا أننا لا ننصحك بالتعجل لذلك، بل تريث في الأمر، واسأل الثقات ممن يعرفونها عن دينها، فإن أثنوا عليها خيرا، فأبق على خطبتها، ولا تفسخها؛ فالدين والخلق من أهم ما ينبغي مراعاته في المخطوبة، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك.

قال الصنعاني في سبل السلام: ودل الحديث على أن مصاحبة أهل الدين في كل شيء هي الأولى؛ لأن مصاحبهم يستفيد من أخلاقهم، وبركتهم، وطرائقهم، ولا سيما الزوجة، فهي أولى من يعتبر دينه؛ لأنها ضجيعته، وأم أولاده، وأمينته على ماله، ومنزله، وعلى نفسها. اهـ.

وإن كانت ذات دين؛ فالمرجو أن تتحرى اجتناب الاختلاط المحرم، والبعد عن أسباب الفتنة.

 وإن تبين أن هنالك رقة في دينها، وأنها لا تراعي أحكام الشرع -من الحجاب، وترك الاختلاط المحرم، ونحو ذلك-؛ فالأولى أن تفسخ خطبتها، فذلك أهون من أن يتم الزواج، ويكون النزاع والخصام، ويحصل الطلاق.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 8757، ففيها بيان أسس اختيار الزوجة، وبعض عوامل نجاح الحياة الزوجية.

وما دام الأمر مجرد خطبة؛ فإنك لا تملك منعها من الدراسة، بل لو كان معقودا لك عليها، فلا تملك منعها؛ فما دامت في بيت وليها، فطاعتها لوليها لا لك، وانظر الفتوى: 135963.

  وننبه إلى أن ما رأيت في منامك من رؤى، قد لا يكون له علاقة بأمر زواجك من هذه الفتاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة