هل لمن ارتكب موبقات الذنوب من توبة؟

0 28

السؤال

كنت شقية منذ صغري، فقد كنت أكذب، وأسرق، ثم دخلت في عقوق الوالدين، ثم الزنى، ثم الإلحاد، وكنت فاسقة لأبعد الحدود، وكنت ضعيفة جدا، وكان يجب أن أتوب في 2020، بعد أن أصبت باختلال الإنية، فحاولت، لكني حينها ظننت أن التوبة صلاة فقط؛ لذا لم أوفق، وعدت لما كنت عليه، بل أكثر.
والآن فضحني الله عز وجل، وأرى عذاب الدنيا في، وفي أهلي، ولا أشعر بقلبي، ولا بعقلي، كأنني جسد فقط، ولا أفهم الكثير، وأنسى كثيرا، وأحس بانقطاع عن الحياة، وتغيرت ملامحي كثيرا، واسود وجهي، فهل أنا هالكة، وماذا عن أهلي؟ وهل بانتحاري سيزول البلاء عن عائلتي؟ شكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى لنا ولك العافية من كل بلاء، وأن يذهب عنك الهم، وينفس الكرب؛ فهو مولانا، فنعم المولى، ونعم النصير.

 ثم إن إتيانك هذه الموبقات لا يعني بحال أنك هالكة؛ فليس الغريب أن يقع المرء في المعاصي؛ فإن الكمال لله، وقلما يسلم البشر من الخطأ، والذنب، إلا أن الواجب على من أخطأ التوبة، والاستغفار، روى أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.

وقد فتح الله عز وجل باب التوبة على مصراعيه لكل مسرف، فقال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.

 فبادري إلى التوبة، وأحسني الظن بربك؛ فهو عند ظن عبده به.

وكوني على حذر من أن يوقعك الشيطان في اليأس من روح الله، والقنوط من رحمته؛ فهذه أيضا من الموبقات، قال تعالى: ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87}، وقال: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر:56}.

 والذنوب والمعاصي قد تكون سببا للبلاء، ولكن لا يلزم أن يكون ما أصابك وأهلك من بلاء بسبب الذنوب التي ارتكبتها؛ فقد يكون مجرد ابتلاء يمتحن الله به عباده؛ ليعلم الصابرين من غيرهم، قال الله سبحانه: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم {محمد:31}.

ولعلك إذا دعوت الله عز وجل، رفع عنكم هذا البلاء، وجعلكم في عافية، وما ذلك على الله بعزيز.

فنوصي بالتضرع إليه، والانكسار بين يديه، وسؤاله العافية؛ فلا شيء يعدل الدعاء بالعافية، وقد ضمنا الفتوى: 221788 بعض الأدعية المتعلقة بهذا الجانب.

واحرصوا على صنع المعروف، ومساعدة المحتاجين، وبذل الصدقات، روى الطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر.

 والانتحار محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز للمسلم الإقدام عليه، وهو لا يحل مشكلة، بل ينقل صاحبه إلى شقاء أعظم؛ بدليل ما ورد فيه من وعيد في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما، فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل، فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.

وقد يزيد أهلك ألما على ألمهم، وغما على غمهم؛ فكوني على حذر من ذلك.

واحرصي على الاستقامة، والطاعة، وطلب العلم النافع، والاجتهاد في العمل الصالح، وصحبة الخيرات من النساء؛ فهذه من أسباب السعادة.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات